لأنه يراد به التحقيق دون المساومة ظاهرا في هذه الحالة فصار كالأمر بالنكاح. ولو قال المريض ذلك لأجنبي اختلف المشايخ فيه،
قال: وإذا مات الرجل وعليه ديون ولم يترك شيئا فتكفل عنه رجل للغرماء لم تصح عند أبي حنيفة، وقالا: تصح؛ لأنه كفل بدين ثابت لأنه وجب لحق الطالب ولم يوجد المسقط، ولهذا يبقى في حق أحكام الآخرة. ولو تبرع به إنسان وله مال يصح،
ــ
[البناية]
كان المرض نازلا منزلة الطالب لكان قبوله شرطا كقبول الطالب. وتقرير الجواب: أنه لا يشترط القبول م: (لأنه يراد به التحقيق) ش: أي المريض يريد بقوله تكفل عني تحقيق الكفالة م: (دون المساومة) ش: نظرا إلى ظاهر حالته التي هو عليها، وهو معنى قوله م:(ظاهرا في هذه الحالة فصار) ش: فصار هذا م: (كالأمر بالنكاح) ش: لو قال لامرأة زوجيني نفسك، فقالت: زوجت نفسي منك يكون ذلك بالقبول فكأنها قالت زوجت، وقال: قبلت.
م:(ولو قال المريض ذلك لأجنبي) ش: أي لو قال المريض لأجنبي تكفل عني بما علي من الدين ففعل الأجنبي ذلك، م:(اختلف المشايخ فيه) ش: فمنهم من لم يصح ذلك؛ لأن الأجنبي غير مطالب بقضاء دينه لا في الحياة ولا بعد موته بدون الالتزام، فكان المريض والصحيح في حقه سواء، ولو قال الصحيح ذلك لأجنبي أو لوارثه لم يصح بدون قبول المكفول له، فكذا المريض.
ومنهم من صححه؛ لأن المريض قصد به النظر لنفسه والأجنبي إذا قضى دينه بأمره يرجع في تركته فيصح هذا من المريض، على أن يجعل قائما مقام الطالب لتضيق الحال عليه بمرض الموت؛ لكونه على شرف الهلاك. ومثل ذلك لا يوجد في الصحيح فأخذناه بالقياس.
[[مات الرجل وعليه ديون ولم يترك شيئا فتكفل عنه رجل للغرماء]]
م:(قال) ش: أي القدوري - رَحِمَهُ اللَّهُ - م:(وإذا مات الرجل وعليه ديون ولم يترك شيئا فتكفل عنه رجل للغرماء لم تصح عند أبي حنيفة) ش: أي لم تصح الكفالة عنده، سواء كان ذلك الرجل أجنبيا أو وارث الميت، م:(وقالا) ش: أي أبو يوسف ومحمد -رحمهما الله- م:(تصح) ش: الكفالة، وبه قال مالك والشافعي وأحمد - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - م:(لأنه) ش: أي لأن الرجل، م:(كفل بدين ثابت لأنه) ش: أي لأن الدين م: (وجب لحق الطالب ولم يوجد المسقط) ش: أي مسقط الدين، لأن الإسقاط إنما يكون بالإيفاء أو الإبراء أو انفساخ سبب وجوبه وبالموت لا يتحقق شيء من ذلك.
م:(ولهذا) ش: أي ولأجل ما ذكرنا من عدم الإسقاط م: (يبقى) ش: أي الدين م: (في حق أحكام الآخرة) ش: فيطالب به في الآخرة.
م:(ولو تبرع به) ش: أي بأداء الدين م: (إنسان وله مال) ش: أي والحال أن للميت مالا م: (يصح) ش: أي التبرع به، ولو برئ المفلس من الدين بالموت لما حل لصاحب الدين الأخذ من