قال: ومن قطع يد رجل فعفا المقطوعة يده عن القطع ثم مات من ذلك، فعلى القاطع الدية في ماله، وإن عفا عن القطع وما يحدث منه ثم مات من ذلك: فهو عفو عن النفس. ثم إن كان خطأ فهو من الثلث، وإن كان عمدا فهو من جميع المال. وهذا عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وقالا: إذا عفي عن القطع فهو عفو عن النفس أيضا، وعلى هذا الخلاف إذا عفا عن الشجة ثم سرى النفس ومات، لهما: أن العفو عن القطع عفو عن موجبه، وموجبه: القطع لو اقتصر أو القتل إذا سرى، فكان العفو عنه عفوا عن أحد موجبيه أيهما كان، ولأن اسم القطع يتناول الساري والمقتصر فيكون العفو عن القطع عفوا عن نوعيه، وصار كما إذا عفا عن الجناية، فإنه يتناول الجناية السارية والمقتصرة،
ــ
[البناية]
[[قطع يد رجل فعفا المقطوعة يده عن القطع ثم مات من ذلك]]
م:(قال) ش: أي محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - في " الجامع الصغير ": م: (ومن قطع يد رجل فعفا المقطوعة يده عن القطع ثم مات من ذلك، فعلى القاطع الدية في ماله، وإن عفا عن القطع وما يحدث منه ثم مات من ذلك، فهو عفو) ش: أي عفو م: (عن النفس) ش: سواء عفا بلفظ العفو أو الوصية.
وبه قال مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - وأحمد، وطاوس - رحمهما الله -، والحسن - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وقتادة - رَحِمَهُ اللَّهُ -، والأوزاعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وقال أصحاب الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إذا قال عفوت عن الجناية وما يحدث منها، ففيها قولان: أحدهما: لا يصح فيجب دية النفس إلا دية الجرح. والثاني: أنه يصح فإن جرحت من الثلث سقط، وإلا سقط منها ما يخرج من الثلث، ووجه الباقي، والقول الثاني ليس بوصية لأنه إسقاط في حق الجناية، فلا يصح، ويلزمه دية النفس إلا دية الجرح.
م:(ثم إن كان خطأ فهو من الثلث، وإن كان عمدا فهو من جميع المال وهذا) ش: قوله م: (عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وقالا: إذا عفي عن القطع فهو عفو عن النفس أيضا، وعلى هذا الخلاف إذا عفا عن الشجة ثم سرى إلى النفس ومات) ش:، وكذلك الاختلاف في الضرب والشجة والجراحة وما أشبه ذلك، وكذلك الاختلاف في الصلح والتزوج.
م:(لهما) ش: أي لأبي يوسف ومحمد - رحمهما الله -: م: (أن العفو عن القطع عفو عن موجبه) ش: لأن نفس الفعل لا تحمل العفو، وموجبه أحد الشيئين: ضمان النفس إن سرى، وضمان الطرف إن اقتصر، وهو معنى قوله: م. (وموجبه القطع لو اقتصر أو القتل إذا سرى، فكان العفو عنه) ش: أي عن القطع م: (عفوا عن أحد موجبيه أيهما كان) ش: أي أيهما يوجد.
م:(ولأن اسم القطع يتناول) ش: المقتصر فيكون العفو عن القطع عفوا عن أحد نوعيه، أي أحد نوعي القطع وهما: م: (الساري والمقتصر فيكون العفو عن القطع عفوا عن نوعيه، وصار كما إذا عفيا عن الجناية؛ فإنه يتناول الجناية السارية والمقتصرة) ش: بلا خلاف.