للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن جامع في أحد السبيلين عامدا فعليه القضاء استدراكا للمصلحة الفائتة والكفارة، لتكامل الجناية. ولا يشترط الإنزال في المحلين اعتبارا بالاغتسال، وهذا لأن قضاء الشهوة يتحقق دونه وإنما ذلك شبع.

ــ

[البناية]

[جماع الصائم عامدا]

م: (ومن جامع في أحد السبيلين عامدا) ش: هما القبل والدبر، وقيد بقوله - عامداً - لأنه إذا كان ناسياً لا يجب عليه شيء أصلاً م: (فعليه القضاء) ش: وعليه جمهور العلماء، وقال الأوزاعي وبعض أصحاب الشافعي - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - إن كفر بالصوم لا يجب عليه القضاء لأنه من جنسه، وإن كفر بغيره وجب، وحكي قول عن الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - أنه إذا كفر لا قضاء عليه، لأنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بين للأعرابي الكفارة ولم يبين حكم القضاء، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز.

وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من أفطر متعمداً فعليه ما على المظاهر وليس على المظاهر سوى الكفارة شيء» ، ولنا أنه وجب عليه الصوم بشهود الشهر، وقد انعدم فلزمه القضاء، كما لو كان معذوراً فلم يؤده فيضمنه ما عنده، كما في حقوق العباد، وإنما أراد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بقوله فعليه ما على المظاهر بسبب الفطر، وبه نقول، لكن وجوب القضاء عند تفويت الأداء غير مشكل كذا في " المبسوط ".

م: (استدراكا للمصلحة الفائتة) ش: يعني لأجل الاستدراك للمصلحة التي فاتت بإفساد الصوم، لأن الشارع حكيم لا يأمر بالإمساك إلا لحكمة، فإذا فوت هذه الحكمة والمصلحة بالإفساد يجب القضاء ليدركها.

قلت: هذه الحكمة لمصلحة قهر النفس الأمارة بالسوء، فبالجماع يفوت قهر النفس للتنافي بينهما فيجب القضاء للاستدراك، والقضاء يجب على المعذور وعلى غير المعذور أولى.

م: (والكفارة) ش: أي وعليه الكفارة أيضاً م: (لتكامل الجناية) ش: صورة ومعنى وهي إيلاج الفرج في الفرج، وهو قول الجمهور وقال الشعبي والنخعي وسعيد بن جبير: لا كفارة عليه، وهو قول الزهري وابن سيرين أيضاً وعن أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - في رواية الحسن عنه لا تجب الكفارة في الوطء في الدبر في الذكر والأنثى. قال في " المحيط ": تجب فيه الكفارة بالجماع [و] هو الصحيح، بخلاف الحد عنده لأنه متعلق بالزنا ولم يوجد. م: (ولا يشترط الإنزال في المحلين) ش: أي في القبل والدبر م: (اعتبارا بالاغتسال) ش: يعني إذا أدخل فنزع وجب عليه الغسل، فكذلك الكفارة، وقيل: الكفارة تندرئ بالشبهات، وأيضاً معنى الجماع وهو قضاء الشهوة فدرئت الشبهة، والغسل يجب بالاحتياط، فقياس أحدهما على الآخر غير صحيح، وأجيب بمنع معنى الجماع م: (لأن قضاء الشهوة يتحقق [دونه] ) ش: أي بدون الإنزال والإنزال شبع وليس بشرط، ألا ترى أن من أكل لقمة وجبت عليه الكفارة، وإن لم يوجد الشبع، وإليه أشار بقوله م: (وهذا) ش: أي قولنا الإنزال م: (وإنما ذلك شبع) ش: هذا جواب عن سؤال ذكر في " المبسوط " فإن قيل: تكامل الجناية شرط لإيجاب الكفارة وذلك لا يحصل بدون الإنزال. قلنا انقضاء شهوة

<<  <  ج: ص:  >  >>