قال: ولا يجوز من دعوى حد؛ لأنه حق الله تعالى لا حقه، ولا يجوز الاعتياض عن حق غيره، ولهذا لا يجوز الاعتياض إذا ادعت المرأة نسب ولدها؛ لأنه حق الولد لا حقها وكذا لا يجوز الصلح عما أشرعه إلى طريق العامة، فلا يجوز أن يصالح واحدا على الانفراد عنه؛ لأنه حق العامة،
ــ
[البناية]
[[الصلح في حقوق الله كالحدود]]
م:(قال) ش: أي القدوري - رَحِمَهُ اللَّهُ - م:(ولا يجوز) ش: أي الصلح م: (من دعوى حد؛ لأنه حق الله تعالى لا حقه) ش: صورته أخذ زانيا أو سارقا أو شارب الخمر فصالح على مال أن لا يرفعه إلى الحاكم فهو باطل، ولا نعلم فيه خلافا م:(ولا يجوز الاعتياض عن حق غيره) ش: لأن هذا حق الله تعالى لا حق العبد. والاعتياض عن حق الغير لا يجوز فيرد ما أخذه. م:(ولهذا) ش: أي ولعدم جواز الاعتياض عن حق الغير م: (لا يجوز الاعتياض إذا ادعت المرأة نسب ولدها لأنه) ش: أي النسب م: (حق النسب لا حقها) ش: أي لا حق الزوجين، صورته: ادعت المرأة على رجل أن هذا الصبي الذي في يدها ابنه وجحد الرجل، ولم تدع المرأة النكاح وقالت قد طلقني وأقر الزوج أنه قد طلقها وبانت وصالح من النسب على مائة فالصلح باطل، لأن النسب حق الصبي فلا يجوز للأم إسقاطه. كذا في شرح القدوري، ونسب هذه الرواية إلى أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ - في " الإيضاح "، وقال: النسب حق الصبي فلا تملك الأم إسقاطه بعوض وغير عوض.
[[الصلح عما أشرعه إلى طريق العامة]]
م:(وكذا لا يجوز الصلح عما أشرعه إلى طريق العامة) ش: هذا أيضا إيضاح لقوله فلا يجوز الاعتياض عن حق الغير. وتمام البيان فيه ما ذكره شيخ الإسلام علاء الدين الأسبيجابي في شرح " الكافي " في باب " الصلح في العقار ". قال: ولو كان لرجل ظله أو كنيف شارع على طريق نافذ فخاصمه رجل فيه وأراد طرحه فصالحه من ذلك على دراهم مسماة ليتركه كان باطلا وهذا على وجهين: أما إن كان هذا على طريق نافذ أو غير نافذ والصلح على الترك أو على الطرح. ونعني النافذ ما لا يكون لقوم خاص، وقد يكون النافذ خاصا ولكن الظاهر أنه متى كان المشروع للعامة كان حق العامة لا يخلو إما أن يكون ذلك بحق أو بغير حق والصلح على الطرح أو الترك.
أما إذا كان الطريق مملوكا للعامة، وعليها ظله أو كنيف لرجل فصالحه رجل على الطرح فيعطي له شيئا أو على الترك فيأخذ منه شيئا، أي كان بغير حق كان باطلا، لأن طرحه واجب عليه لكونه شاغلا طريق المسلمين بغير حق فواجب على واحد من آحاد الناس أن يأمره بالطرح على سبيل الأمر بالمعروف وإن كانت الظلة أو الكنيف بحق ويتصور ذلك بأن اختط الإمام موضعا لإنسان عين فتح البلد وسواه لآخر فالصلح فيها على الطرح جائز لأنه يسقط حقه وهو للتعالي بمال وفيه نفع هذه المصالح وللناس كافة فيصح، وإن صالح على الترك لا يجوز لأنه لا