م:(باب المواقيت) ش: أي: هذا باب في بيان مواقيت الصلاة؛ فإعرابه مثل إعراب كتاب الصلاة، والمواقيت جمع ميقات والميقات ما وقت به أي حدد من زمان، كمواقيت الصلاة، أو مكان كمواقيت الإحرام، ويقال: المواقيت جمع وقت على غير القياس، يقال: وقت الشيء بوقته ووقته: إذا بين حده.
والتوقيت والتأقيت: أن يجعل للشيء وقت يختص به وهو بيان مقدار المدة، وأصل ميقات موقاة، قلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها. قال الجوهري: الميقات الوقت المضروب للمصلي والموضع أيضا، يقال هذا ميقات أهل الشام. للموضع الذي يحرمون منه.
ولما كانت الصلوات قسمين، الأول: لازمة كالخمس والجمعة والعيدين، والثاني عارضة كصلاة الجنازة والكسوف والاستسقاء ونحوها، واللازمة يلزم بأوقاتها، ووقت بعضها يتكرر في السنة مرة، وبعضها في الجمعة مرة وبعضها في كل يوم خمسا، كان معرفة الأوقات أهم معالم الصلوات. ولأن التوقيت سبب، والسبب يقدم على المسبب؛ فلذلك بدأ المصنف بباب المواقيت، وله جهتان: جهة أنه وجه الشرط لأنه سبب للوجوب، وشرط للأداء فلذلك استحق التقديم.
[[وقت صلاة الفجر]]
[[أول وقت الفجر]]
م:(أول وقت الفجر إذا طلع الفجر الثاني) ش: قدم بيان وقت الفجر وكان الواجب أن يبتدئ وقت الظهر، لأنها أول صلاة أمه فيها جبريل - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، ولكن وقت الفجر وقت متفق في أوله وآخره، ولأنه صلاة وجبت بعد النوم، والنوم أخو الموت فكان إيراده بأول وقت يخاطب المرء بأدائها إذ الخطاب على اليقظان لا على النائم، ولأن صلاة الفجر أول من صلاها آدم - عَلَيْهِ السَّلَامُ - حين أهبط من الجنة كما ذكرنا عن قريب.
فإن قلت: كيف قلت وقت الفجر وقت اختلف في أوله وآخره، وقد قال أبو سعيد الإصطخري من الشافعية: إذا أسفر يخرج الوقت وتكون الصلاة بعد طلوع الشمس قضاء؟.
قلت: هذا القول خارق للإجماع فلا يلتفت إليه. وقال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على من يصلي الصبح قبل طلوع الشمس أنه يصليها في وقتها، ولأن صلاة الفجر أول الخمس في الوجوب، إذ لم يختلفوا في أن الصلوات الخمس فرضت في ليلة الإسراء، فالفجر صبيحة ليلة وجوبها، وذلك لما روى أنس بن مالك قال:« [فرضت] على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصلوات ليلة الإسراء، خمسين صلاة ثم نقصت حتى جعلت خمسا، ثم نودي يا محمد إنه لا يبدل القول لدي وإن لك بهذه الخمس خمسين» . رواه النسائي وأحمد والترمذي وقال: حديث حسن صحيح.