م:(باب الأنجاس وتطهيرها) ش: أي هذا باب بيان أحكام الأنجاس وبيان أحكام تطهيرها، وارتفاعه على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي هذا، ويجوز نصبه بتقدير: خذ باب الأنجاس، قال تاج الشريعة: قد يحذف المضاف كما في قَوْله تَعَالَى: {فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ}[طه: ٩٦](طه: الآية ٣٦) وقوله: باب الأنجاس: من قبيل القسم الثاني، أي باب بيان أنواع الأنجاس. قلت: لا حاجة إلى هذا التعسف، لأن لفظ الأنجاس يشمل الأنواع، وكونه من القسم الأول أولى.
ولما فرغ من بيان النجاسة الحكمية وتطهيرها شرع في بيان النجاسة الحقيقية وتطهيرها، ولما كانت الأولى أقوى وأكثر قدمها على الثانية، والأنجاس جمع نجس بفتح النون وكسر الجيم وبسكونها مع فتح النون، وبكسر النون مع سكون الجيم وكلها مستعملة في اللغة، قاله على بعض الشراح.
قال: الأكمل: والأنجاس جمع نجس بفتحتين وهو كل مستقذر وهو في الأصل مصدر ثم استعمل اسما، قال الله تعالى:{إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ}[التوبة: ٢٨](التوبة: الآية ٢٨) ، وقال تاج الشريعة: الأنجاس جمع نجس بكسر الجيم وهو الشيء الذي أصابته النجاسة، والنجس بالفتح كل ما استقذرته، وقال صاحب " الدراية ": وهو في الأصل مصدر، والمراد هاهنا الاسم.
قلت: قد رأيت ما بين أحد منهم حقيقة هذه المادة، وهو من باب علم يعلم، تقول: نجس ينجس نجساً بفتح فهو نجس بكسر الجيم وفتحها، وفي دستور اللغة: نجس بكسر الجيم ينجس بفتح النون وسكون الجيم وهو مصدر، وكذلك نجس نجاسة.
وكذلك ذكره في باب فعل يفعل بالضم فيهما. وفي " العباب ": والنجَس والنجِس والنَجْس والنِجْس والنجُس ضد الطهارة، ونجس ينجس مثال سمع يسمع، ونجس ينجس مثال كرم يكرم، وإذا قلت: رجل نجس بكسر الجيم ثنيت وجمعت، وإذا قلت: نجس بفتحها لم تثن ولم تجمع وقلت: رجل نجس ورجلان نجس ورجال نجس وامرأة نجس ونساء نجس، ويقال: أنجسه ونجسه تنجيسا فعن هذا أن قول الأكمل: الأنجاس جمع نجس بفتحتين غير صحيح والصحيح ما قاله تاج الشريعة فافهم.
ثم الخبث يطلق على الحقيقي والحدث على الحكمي والنجس يطلق عليهما.
قوله: وتطهيرها: أي وفي بيان تطهير الأنجاس، والتطهير إن فسرها بالإزالة فحسن إضافة التطهير إليها، وإن فسر بإثبات الطهارة فالمراد طهارة محلها كالبدن والثوب والمكان، لأن نجاسة هذه الأشياء مجاورة النجاسة، فإذا زالت ظهرت الطهارة الأصلية، وهذا لأنه لا يمكن تطهير عين