للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باب صدقة السوائم

ــ

[البناية]

[باب صدقة السوائم] [حكم صدقة السوائم]

م: (باب صدقة السوائم) ش: أي هذا باب في بيان حكم صدقة السوائم، وأراد بالصدقة الزكاة كما في قَوْله تَعَالَى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} [التوبة: ٦٠] (التوبة: آية ٦٠) ، والسوائم: جمع سائمة وهي المال الراعي، كذا قال صاحب " الديوان " - رَحِمَهُ اللَّهُ - من قولهم: سامت الماشية إذا رعت، وأسامها صاحبها إسامة، وعن الأصمعي: كل إبل ترعى ولا تعتلف في الأهل فهي سائمة كذا في " المغرب ".

وفي " التحفة ": السائمة: هي التي تسام في البراري لقصد الدر والنسل لا لقصد الحمل والركوب والبيع، وفي التي تسام لقصد البيع زكاة تجارة، ثم الشرط أن تسام في غالب السنة لا في جميع السنة، وإنما اعتبر السوم ليتحقق النماء، والنماء يحصل بالزيادة فيها سمنا أو بالتوالد، وإنما يعد زيادة إذا خفت المؤنة، فإذا تراكمت عليه المؤنة بالعلف لا يحصل معنى، وإذا اعتبر السوم اعتبر الأعم والأغلب؛ لأن الحكم للغالب.

فإن قلت: ما وجه البداءة بصدقة المواشي، ثم البداءة بذكر الإبل؟

قلت: لأن قاعدة هذا الأمر كانت في العرب وهم أرباب المواشي، والبداءة بذكر الإبل؛ لأن كتاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الذي كتبه لأبي بكر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وكتبه أبو بكر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لأنس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كان هكذا.

وفي " المبسوط ": بدأ محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - كتاب الزكاة بذكر زكاة المواشي إقتداء بكتاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فإنه بدأ فيها بزكاة المواشي، وقال الكاكي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لأن زكاة الماشية السائمة مجمع عليها خصوصا في حق الإبل، فإن الأحاديث اتفقت إلى مائة وعشرين، وعليه اجتمعت الأمة إلا ما شذ عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فإنه قال: في خمس وعشرين خمس شياه، وفي ست وعشرين بنت مخاض.

قال سفيان الثوري - رَحِمَهُ اللَّهُ -: هذا غلط وقع من رجال علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وأما علي فإنه أفقه من أن يقول هكذا؛ لأن هذا موالاة بين الواجبين لا وقص بينهما، وهو خلاف أصول الزكاة، فإن مبنى الزكوات على أن الوقصة يتلو الوجوب، وسيجيء مزيد الكلام فيه إن شاء الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>