ولا يقنت في صلاة غيرها، خلافا للشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في الفجر، لما «روى ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قنت في صلاة الفجر شهرا ثم تركه» .
ــ
[البناية]
و " المحيط " عن أبي يوسف أنه قال: إن شاء رفع يديه في الدعاء، وإن شاء أشار بإصبعيه؛ لأن رفع اليد عندنا في الدعاء سنة والاستسقاء ليس من تلك المواضع السبعة، واعلم أن رفع الأيدي في غير تلك المواضع جائز. ثم وجد ما ذكر من الحديث على وجه الانحصار، أي لا ترفع الأيدي على وجه السنن الأصلية التي هي سنة الهدى إلا في هذه المواضع، وأما في سائر المواضع إنما لترفع في الدعاء على أنه من الآداب والاستحباب والاتباع بالآثار لا على سنة الهدى. قلت: هذا الجواب غير مخلص؛ لأن رفع الأيادي في المواضع السبعة إذا كان من سنن الهدى فتركها يكون ضلالا، وتاركها يكون مبتدعا ولم يقل أحد بذلك.
وفي " المبسوط " عن محمد بن الحنفية - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: الدعاء أربعة، دعاء رغبة، ودعاء رهبة، [ودعاء تضرع، ودعاء خفيه، ففي دعاء الرغبة يجعل بطون كفيه نحو السماء، وفي دعاء الرهبة] يجعل ظهر كفيه إلى وجهه كالمستغيث من الشيء، وفي دعاء التضرع يعقد الخنصر والبنصر ويحلق بالإبهام والوسطى، ويشير بالسبابة، ودعاء الخفية ما يفعله المرء في نفسه، وعلى هذا قال أبو يوسف في " الإملاء " يستقبل بباطن كفيه القبلة عند افتتاح الصلاة واستلام الحجر وقنوت الوتر وتكبيرات العيد، ويستقبل بباطن كفيه السماء عند رفع الأيدي على الصفا والمروة وبعرفات وبجمع وعند الجمرتين؛ لأنه يدعو في هذه المواقف بدعاء الرغبة.
[[القنوت في الوتر]]
م:(ولا يقنت في صلاة غيرها) ش: أي في غير الوتر، أنث الضمير باعتبار الصلاة م:(خلافا للشافعي في الفجر) ش: فعنده السنة أن يقنت في صلاة الفجر بعد الركوع وبه قال مالك، غير أنه قال يقنت قبل، وعند أحمد أن القنوت للأئمة يدعون للجيوش. وقال أبو نصر البغدادي: قال الشافعي: القنوت في الفجر سنة وفي بقية الصلوات إن حدثت حادثة بالمسلمين، وإن لم يحدث فله قولان. وقال أبو نصر: أيضا كان القنوت بعد الركوع في صلاة الفجر وقد نسخ القنوت فيها. قال: فإن قيل: ما بعد الركوع محل الدعاء بدليل أنه يقول سمع الله لمن حمده، فكان محلا للقنوت لأنه دعاء. قيل له ما قبل الركوع أولى لأنه محل للقراءة والركوع وما بعده ليس محلا للقراءة، ودعاء القنوت يشبه القرآن، وقد ذكر أنه في مصحف ابن مسعود وأبي، فكان ما قبل الركوع أولى به وأشبه، ولأن في تقديمه إحراز الركعة في حق المسبوق فكان أولى.
م: (لما روى ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قنت في صلاة الفجر شهرا ثم تركه» ش: هذا الحديث حجة لنا على الشافعي، رواه [البزار] في " مسنده " والطبراني في " معجمه " وابن أبي شيبة في " مصنفه " والطحاوي في " الآثار " كلهم من حديث شريك القاضي