فروع أخر: لو ترك بعض التشهد وأتى بالبعض يجوز في ظاهر الرواية، وقيل: يجوز على قول أبي يوسف، ولا يجوز على قول محمد ذكره المرغيناني، وإذا فرغ من التشهد والصلاة على النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - دعا لنفسه وللمؤمنين وللمؤمنات، ولوالديه المؤمنين ولا يخص نفسه بالدعاء، وقراءة الأدعية المأثورة التي فيها صورة الأمر مستحبة. وقالت الظاهرية: تعد الصلاة بذكرها عندهم رجوعا إلى ظاهر الأمر.
م:(ثم يسلم عن يمينه فيقول: السلام عليكم ورحمة الله) ش: أي بعد فراغ المصلي من التشهد والصلاة على النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، والدعاء لنفسه وللمؤمنين يسلم، والحكمة فيه أن السلام سنة لمن حضر القوم بعد غيبة عنهم، والقادم على حضرة رب العالمين مشتغلا بمناجاته بمنزلة الغائب عن الخلق، ويحضرهم عند التحليل، والسلام سنة من حضرهم بعد الغيبة عنهم، وشرطوا كل مقيم بفرض أو سنة أن يقول العمل بالسنة؛ لأن يؤم الأعمال بها وأنه مخاطب القوم المشاركين له في الصلاة فينوبهم على ما يجيء مزيد الكلام فيه عن قريب.
وفي " المحيط" و" المرغيناني ": المختار أن يكون السلام في التشهد والتسليم بالألف واللام، وتكون الثانية أخفض من الأولى، ولو سلم عن يساره أولا يسلم عن يمينه ما لم يتكلم، ولا يعيد التسليم عن يساره، ولو سلم تلقاء وجهه يسلم على يساره وهو مروي عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وهو الصحيح من قول أحمد، وقال النووي: لو سلم عن يساره أولا أجزأه، ويكره. ولو سلم التسليمتين عن يمينه أو عن يساره، أو تلقاء وجهه أجزأه، ويكون تاركا للسنة.
ولو نكر السلام قال القاضي أبو محمد وغيره من المالكية: لا يجزئه وقيل: يجزئه. وفي " جمل النوازل ": لو قال: السلام ودخل رجل في صلاته لا يصير داخلا، فثبت بهذا أن الخروج لا يتوقف على عليكم، ولو سلم تلقاء وجهه يعيده.
م:(ويسلم عن يساره مثل ذلك) ش: أي ويسلم عن يساره مثل ما سلم عن يمينه، وقال ابن المنذر: هذا قول أبي بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود، وعمار بن ياسر، وأبي ذر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وبه قال الشعبي، والثوري، وعطاء، وعلقمة، والأسود، ونافع بن عبد الحارث، وإسحاق بن أبي ليلى، وأبو ثور، وأحمد.
وقالت طائفة: يسلم تسليمة واحدة فقط تلقاء وجهه، يميل به إلى يمينه شيئا قليلا، وروي ذلك عن ابن عمر، وأنس، وعائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وهو قول مالك، والليث، والأوزاعي.
وللشافعي فيه ثلاثة أقوال: والصحيح المشهور ونصه في الجديد مثل قول الجماعة، والثاني: تسليمة واحدة، قاله في القديم، والثالث: إن كان منفردا، أو في جماعة قليلة، ولفظه عندهم فواحدة، والاثنان قاله في القديم، والواحدة تلقاء وجهه حكي ذلك عن النووي.