قال: وسؤر الحمار والبغل مشكوك فيه، وقيل: الشك في طهارته؛
ــ
[البناية]
وقال:«الهرة ليست بنجسة إنما هي من الطوافين والطوافات عليكم» وأشار بتعليله إلى قول الله عز جل: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ}[النور: ٥٨](النور: الآية ٥٨) سقط الاستئذان بعلة الطواف دفعا للحرج وسقط النجاسة في سؤر الهرة بعلة الطواف دفعا للحرج أيضا.
قلت: كل منهما أطال الكلام من غير حصول المراد فأقول: قوله والتنبيه مبتدأ وخبره متعلق قوله في الهرة، والتقدير والتنبيه على علة كراهة سؤر سواكن البيوت هي المذكورة في حكم الهرة، وهي علة الطواف التي أسقطت النجاسة فيها فكما أن الطواف علة في حكم سؤر الهرة فكذلك في سواكن البيوت فنبه المصنف على العلة في سؤر الهرة حتى يسقط البدل في علة سؤر سواكن البيوت فافهم.
[[سؤر الحمار والبغل والفرس]]
م:(وسؤر الحمار والبغل مشكوك فيه) شك وبه قال أحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - في رواية. وقال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - طاهر وطهور وفي "المغني" لابن قدامة، والنوع الثاني: ما اختلف فيه وهو سؤر السباع إلا السنور وما دونها في الخلقة، وكذلك جوارح الطير والحمار الأهلي والبغل، فعن أحمد أن سؤرها نجس إذا لم يجد غيره تيمم وتركه، وروي عن ابن عمر أنه كره سؤر الحمار وهو قول الحسن وابن سيرين والشعبي والأوزاعي وحماد وإسحاق، وعن أحمد: إذا لم يجد غير سؤر البغل والحمار يتيمم معه، ثم قال: والصحيح عندي طهارة البغل والحمار؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يركبهما في زمنه وفي عصر الصحابة، فلو كان نجسا لبين النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لهم ذلك. وقوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ - في الخمر: إنها رجس أراد بها محرمة كقوله تعالى في الميسر والأنصار والأزلام: {رِجْسٌ}[المائدة: ٩٠] . وفي " المبسوط " وكان أبو طاهر الدباس ينكر هذا ويقول: لا يجوز أن يكون في شيء من حكم الشرع مشكوكا فيه ولكن معناه يحتاط فيه فلا يجوز أن يتوضأ به في حالة الاختيار، وإذا لم يجد غيره يجمع بينه وبين التيمم احتياطا.
قلت: المشايخ قالوا بالشك لتعارض الأدلة في طهارته وعدم طهارته لا أن يعني أن يكون شيء من أحكام الشرع مشكوكا للجهل بحكم الشرع. وفي " شرح القدوري " القول بالوقف عند تعارض الأدلة دليل العلم وغاية الورع. .
م:(وقيل الشك في طهارته) ش: فلو وقع في الماء القليل يفسده، وقال قاضي خان: ولو أصاب الثوب أو البدن لا يفسده، وروى الكرخي عن أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - أن سؤر الحمار نجس إلا أنه سقط في حق الآدمي للحرج، ومن المشايخ من قال بنجاسة سؤر الحمار دون الأتان؛ لأن الحمار نجس فمه لشبه البول، وفي " البدائع " هذا موهوم فلا ينجس، وقال قاضي خان: والأصح أنه لا فرق بينهما. وقال السروجي: الإجود أن يكون قيل بغيره أو لأنه أول القولين فلا عطف، وكذا قاله صاحب " الدراية ".