للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويجب على المشتري لا على البائع؛ لأن العلة الحقيقية إرادة الوطء، والمشتري هو الذي يريده دون البائع، فيجب عليه غير أن الإرادة أمر مبطن فيدار الحكم.

ــ

[البناية]

وهذا كما قلنا في قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من نام عن صلاة أو نسيها» الحديث، والحكم في الترك عامدا كذلك. إلا أن الظاهر لما كان من حال المسلم أن لا تفوت منه الصلاة إلا بالنسيان فذكره، هكذا كذلك هاهنا.

وعلم من كلامه وجوب الاستبراء، وسببه، وعلته، وحكمته، أما الوجوب: ففيها الحديث المذكور، وأما سببه: فاستحداث الملك، واليد، وأما علته: فإرادة الوطء، وأما حكمته: فالتعريف عن براءة الرحم، ولكن لما كانت الإرادة خفية أقيم دليلها الظاهر وهو التمكن عن الوطء بالملك، واليد قائما مقامها تيسرا فجعل استحداث الملك، واليد علة كما في السفر مع المشقة، ثم تعدى الحكم إلى سائر باب ملك اليمين، ملك حتى وجب عليه الاستبراء بأي سبب ملك سواء كان شراء أو هبة أو وصية، أو ميراثا أو خلعا، أو كتابة، وإذا ثبت وجوب الاستبراء وحرم الوطء حرم دواعيه أيضا من اللمس والقبلة والنظر إلى الفرج بشهوة.

وقال الفقيه أبو الليث - رَحِمَهُ اللَّهُ - في " شرح الجامع الصغير ": روي عن أبي مطيع: أنه كان لا يرى بالقبلة، والملامسة بأسا، وذلك لأن القربان إنما لا يجوز لأنه يؤدي إلى اختلاط الأنساب، وليس في القبلة والملامسة هذا المعنى، قلنا: قياسا على الطهارة، وكما في غير الملك لأنها تفضي إليه، وسبب الحرام حرام.

وقال فخر الإسلام: روي عن محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - أنه قال: يحل الدواعي لأنها لا تحتمل الوقوع في غير الملك؛ لأن المالك الأول لا يملك الدعوى، وإنما حرم الوطء بمعنى السقي زرع غيره، وهذا لا يوجد في الدواعي.

[[على من يجب الاستبراء]]

م: (ويجب على المشتري لا على البائع) ش: أي يجب الاستبراء على المشتري دون البائع، وبه قالت الثلاثة، وقال النخعي، والثوري، والحسن البصري، وابن سيرين - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -: يجب على البائع دون المشتري؛ لأنه الصيانة كما تجب على المشتري تجب على البائع.

وقال الليثي: هذا صيانة عن ماء البائع فيجب عليه. ولنا ما أشار إليه بقوله: م: (لأن العلة الحقيقة إرادة الوطء) ش: لأن الشارع نهى عن الوطء، والنهي إنما يستقيم عند تمكن الوطء، وتمكن للمشتري لأنه هو المتملك لا البائع، وهو معنى قوله: م: (والمشتري هو الذي يريده) ش: الوطء لتمكنه منه م: (دون البائع فيجب عليه) ش: أي على المشتري م: (غير أن الإرادة أمر مبطن) ش: أي خفي على ما ذكرنا؛ لأن بعض الناس يريد الوطء، وبعضهم لا يريده م: (فيدار الحكم

<<  <  ج: ص:  >  >>