قال: ولا بأس بعيادة اليهودي والنصراني؛ لأنه نوع بر في حقهم، وما نهينا عن ذلك.
ــ
[البناية]
قال علي: "لو حملت الحمير على الخيل لكانت لنا مثل هذه. فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنما يفعل ذلك الذين لا يعلمون» .
قلت: قد صح ركوب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - البغلة بما ذكرنا من الأحاديث، فلو كان الإنزاء مكروها لم يركب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى يمتنع الناس عن إنزاء الحمير.
ومعنى قوله: يفعل ذلك الذين لا يعلمون أن الخيل قد جاء في ارتباطها الأجر ولم يرد مثل ذلك في البغال وكانت الخيل في بني هاشم قليلة، فأحب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يكثر فيهم. كذا ذكر الطحاوي في "شرح الآثار ".
[[عيادة اليهودي والنصراني]]
م: (قال: ولا بأس بعيادة اليهودي والنصراني) ش: أي قال في " الجامع الصغير ": وهذه من الخواص قيد باليهودي والنصراني لأن في عيادة المجوسي اختلافا، قيل: لا بأس به لأنهم من أهل الذمة كاليهود والنصارى. ونص محمد في المجوسي على: أنه لا بأس بعيادته.
وقيل: لا يجوز لأن المجوسي أبعد عن الإسلام من اليهود والنصارى، ألا ترى أنه لا يباح ذبيحة المجوسي ولا نكاحهم بخلاف اليهود والنصارى.
وعن بعض أصحاب الشافعي - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -: الإسلام شرط لجواز عيادة المريض. قال صاحب " الحلية ": والصواب عندي أن يقال: عيادة الكافر جائزة والقربة فيها موقوفة على أنواع حرمة يقترن بها من جواز أو قرابة انتهى.
واختلفوا في عيادة الفاسق أيضا، والأصح: أنه لا بأس به لأنه مسلم، والعيادة من حقوق المسلمين.
وفي " النوادر ": لو مات يهودي أو مجوسي جاز لجاره أو قريبه أن يعزيه ويقول: أخلف الله عيك خيرا منه وأصلحك، يعني أصلحك بالإسلام ورزقك ولدا مسلما.
فإن قلت: لم قال محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -: ولا بأس بعيادة اليهودي؟
قلت: إشارة إلى أن تركها أفضل. م: (لأنه نوع بر في حقهم) ش: أي لأن عيادتهم نوع إحسان في حقهم، وتذكير الضمير باعتبار المذكور، وإن العيادة مصدر فيستوي فيه التذكير والتأنيث.
م: (وما نهينا عن ذلك) ش: أعني البر في حقهم لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الممتحنة: ٨] بيانه أن الله تعالى قال: أن تبروهم بالآية، فكان البر مشروعا، والعيادة والتواصل فتكون