ومن كرر تلاوة سجدة واحدة في مجلس واحد أجزأته سجدة واحدة، فإن قرأها في مجلسه فسجدها ثم ذهب ورجع، فقرأها سجد ثانية وإن لم يكن سجد للأولى فعليه سجدتان، فالأصل أن مبنى السجدة على التداخل دفعا للحرج،
ــ
[البناية]
الصلاة تجري في التلاوتين جميعًا يلزم تقدم الحكم وهو السجدة على السبب وهو التلاوة، وتقديمه عليه لا يجوز، ثم قال: وفي هذا التعليل نظر عندي، لأنا لا نسلم تقدم الحكم على السبب، لأن مبنى السجدة على التداخل في السبب، فعلى تقدير إلحاق الثانية بالأولى لا يلزم ما قال، لأنه يكون السبب هو الأولى وحدها وقد تقدم السبب، فتلاه بحكمه، انتهى كلامه.
قلت: الصواب كما قاله الأكمل والأصوب من كلامهما أن تقول: لما لم يمكن القول بالتداخل هاهنا وجبت لكل تلاوة سجدة على حدة، على أن في بعض النسخ ولا وجه إلى كونها مستتبعة للأولى، فافهم.
[[تكرار تلاوة سجدة التلاوة في المجلس الواحد]]
م: (ومن كرر تلاوة سجدة واحدة في مجلس واحد أجزأته سجدة واحدة) ش: قيد بقوله: سجدة واحدة، لأنه إذا كرر سجدات مختلفة يجب لكل واحدة سجدة، وبقوله: في مجلس واحد؛ لأنه إذا كان في مجالس مختلفة تعدد السجود على ما سيجيء بيانه إن شاء الله تعالى.
وقال النووي: إن لم يسجد للأولى كفته سجدة واحدة، وإن سجد لها ثلاثة أوجه:
أصحها: يسجد، وبه قال مالك وأحمد.
والثاني: يكفيه الأولى، قال ابن شريح: ورجحه صاحب " العدة "، وقطع به أبو حامد.
الثالث: إن طال الفصل قرأها فسجد ثم ذهب يعني أنه مشى ثلاث خطوات، ورجع فقرأها وسجد ثانيًا، وإن لم يسجد للأولى فعليه سجدتان.
م: (فإن قرأها في مجلسه فسجدها فذهب ورجع فقرأها سجد ثانية) ش: لتعدد السبب.
م: (وإن لم يكن سجد للأولى فعليه سجدتان) ش: أراد أنه ذهب عن مجلسه بعد قراءته ولم يسجد لها ثم رجع إليه فقرأها ثانيًا، فعليه أن يسجد لكل تلاوة سجدة م: (والأصل) ش: في هذا م: (أن مبنى السجدة على التداخل) ش: يعني في الاستحسان والقياس أن يجب لكل تلاوة سجدة، سواء كانت في مجلس واحد أو لم تكن، لأن للسجدة حكم التلاوة، والحكم يتكرر بتكرر السبب.
وأما وجه الاستحسان فهو قوله: م: (دفعًا للحرج) ش: وذلك أن المسلمين يحتاجون إلى تعليم القرآن وتعلمه، وذلك يحتاج إلى التكرار غالبًا، فإلزام التكرار في السجدة يفضي إلى الحرج لا محالة، والحرج مدفوع ويؤيد هذا ما روي أن جبريل - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كان يقرأ على