وهو تداخل في السبب دون الحكم وهو أليق بالعبادات، والثاني بالعقوبات
ــ
[البناية]
النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ويقرأ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على أصحابه ويسجد مرة واحدة.
وقال الأكمل: وقد صح أن جبريل - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان ينزل بآية السجدة على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وتكرر عليه، وكان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يسجد لها مرة واحدة تعليمًا لجواز التداخل.
قلت: نزول جبريل - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بآية السجدة وغيرها من القرآن على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صحيح لا شك فيه، ولكن صحة بقية القضية من أين؟، ولم يتعرض إليه فاكتفي بمجرد النقل، وكان أبو موسى الأشعري - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يلقن الناس القرآن في مسجد البصرة وتكرر السجدة مرة واحدة.
وروي عن أبي عبد الرحمن السلمي وهو معلم الحسن والحسين - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أنه كان يعلم الآية الواحدة مرارًا ولا يزيد على سجدة واحدة، وقد أخذ التلاوة عن الصحابة، فالظاهر أنه أخذ حكمها عنهم.
م: (وهو تداخل في السبب دون الحكم) ش: أي التداخل الذي عليه مبنى السجدة هو تداخل في السبب وهو التلاوة دون الحكم، وهو وجوب السجدة، وهو أن يجعل التلاوات الموجودة في المجلس تلاوة واحدة، فلم تكن الثانية والثالثة، سببًا للوجوب، إذا السبب إذا تحقق لا يجوز ترك حكمه في العبادات احتياطًا. وضعف السرخسي التداخل، وقال: الصحيح أن سبب الوجوب حرمة المتلوة، فالثانية تكرار محض فلم تكن سببًا، فلا يجب بها شيء.
وقال الماتريدي: سبب وجوبها تلاوة مقصودة، ولم يوجد في الثانية لأنها تبع للأولى وتكرير للحفظ والتفكر وذلك وسيلة.
م: (وهذا) ش: أي التداخل في السبب م: (أليق بالعبادات) ش: لأنه لو حكم بتعدد الأسباب يلزمه ترك الاحتياط في أمر العبادة، لأنه يلزم الإسقاط بعد وجوب سبب الإثبات، فلا يجوز لأن العبادة يحتاط في إثباتها لا في إسقاطها.
م (والثاني بالعقوبات) ش: أي التداخل في الحكم دون السبب أليق بالعقوبات، لأنها ليست مما يحتاط فيها بل في درئها فيجعل التداخل في الحكم ليكون عدم الحكم مع وجود الموجب مضافًا إلى عفو الله وكرمه، فإنه هو الموصوف بسبوغ العفو وكمال الكرم.
وثمرة هذين الفصلين تظهر في:
الأول: فيما إذا تلا آية سجدة فسجد، ثم قرأ تلك الآية في ذلك المجلس مرات تكفيه تلك السجدة عن التلاوة التي توجد بعدها.