م:(باب قضاء الفوائت) ش: أي هذا باب في بيان حكم قضاء الصلوات الفوائت وهو جمع فائتة من فات يفوت، والقضاء أصله قضاي، لأنه من قضيت وقعت الياء بعد ألف زائدة فقلبت همزة كما عرف في التصريف.
وهو مستعمل على وجه بمعنى الحكم، ومنه:{وَقَضَى رَبُّكَ}[الإسراء: ٢٣](الإسراء: الآية ٢٣) ، وفرغ ومنه قضى حاجته والقتل، ومنه ضربه:{فَقَضَى عَلَيْهِ}[القصص: ١٥](القصص: الآية ١٩) ، واسم قاض أي قاتل والموت، ومنه قضى نحبه، أي مات، والإنهاء ومنه {وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ}[الحجر: ٦٦] والمعنى، ومنه {ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ}[يونس: ٧١] ، والصنع والتقدير ومنه:{فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ}[فصلت: ١٢](فصلت: الآية ١٢) ومنه القضاء والقدر والصلح، ومنه في حديث الحديبية قاضاهم على أن يؤدوا، أي صالحهم، والطلب ومنه اقتضى دينه وتقاضاه، والأداء ومنه:{فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ}[الجمعة: ١٠](الجمعة: الآية ١٠) .
وأما معناه الشرعي فالقضاء إسقاط الواجب بمثل من عند المأمور وهو حقه، والأداء تسليم عين الواجب بسببه إلى مستحقه، هذا اختيار شمس الأئمة السرخسي، وعبارة فخر الإسلام البزدوي اسم لتسليم نفس الواجب بالأمر، والقضاء اسم لتسلم مثل الواجب به، ثم القضاء يجب بالسبب الذي يجب به الأداء، ولهذا يجهر الإمام بالقراءة إذا قضاها في الإقامة، ويصلي صلاة الإقامة أربعا إذا قضاها في السفر، وقيل: يجب بسبب جديد، وقد عرف في موضع، ولما كان المأمور به على نوعين أداء وقضاء، وقد فرغ من الأداء وشرع في القضاء كذا قاله الشراح.
قلت: معنى صلاة الجمعة والعيدين وصلاة الجنازة، وأما المناسبة بين البابين فمن حيث وجود معنى الإدراك فيهما.
م:(ومن فاتته صلاة) ش: فيه رعاية الأدب حيث لم يقل: من تركها؛ لأن ترك الصلاة لا يليق بحال لمسلم [ ... ] تحسينا للظن به، وحملا لأمره على الصلاح لذلك في قوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «من نام عن صلاة أو نسيها» فإن الحكم غير مقتصر على النوم والنسيان، لأنه إذا ترك فسقا أو مجانة يجب القضاء أيضا بالإجماع، لكن أخرجه صاحب الشرع مخرج العبارة والظن بالخير م:(قضاها إذا ذكرها) ش: سواء كان فوتها ناسيا أو بغير عذر النسيان أو عامدا وبه قال مالك والشافعي، وقال أحمد وابن حبيب: لا يقضي المتعمد في الترك، لأن تاركها مرتد.