للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقدمها على فرض الوقت، والأصل فيه أن الترتيب بين الفوائت وبين فرض الوقت عندنا مستحق، وعند الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - مستحب. لأن كل فرض أصل بنفسه فلا يكون شرطًا لغيره،

ــ

[البناية]

ولنا ما رواه مسلم عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أنه قال: «إذا رقد أحدكم عن الصلاة أو غفل عنها فليصلها إذا ذكرها» فإن الله عز وجل يقول: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} [طه: ١٤] ، قوله: لذكري أي لذكر صلاتي من مجاز الحذف أو من مجاز الملازمة، لأنه إذا قام إليها فقد ذكر الله فيها، وإنما خصص الشارع النائم والغافل بالذكر لذهاب الإثم في حقهما الذي هو من لوازم الوجوب فتوهم انتفاء القضاء لانتفاء الوجوب، فأمر الشارع بالقضاء من باب التبيين بالأدنى على الإعلام الذي هو المعتمد.

م: (وقدمها على فرض الوقت) ش: أي قدم الفائتة على الوقتية لوجوب الترتيب على ما يأتي الآن م: (والأصل فيه) ش: في هذا الباب م: (أن الترتيب بين الفوائت وبين فرض الوقت مستحق) ش: أي واجب م: (عندنا) ش: وبه قال النخعي والزهري وربيعة ويحيى الأنصاري والليث ومالك وأحمد وإسحاق، وعن ابن عمر ما يدل عليه م: (وعند الشافعي مستحب) ش: أي الترتيب مستحب غير واجب، وهو قول طاوس وأبي ثور ومذهب ابن القاسم وسحنون أن الترتيب غير واجب ولا شرط.

وفي " الذخيرة " وظاهر " المدونة " الوجوب والشرطية لقضائه تعاد الحاضرة. ومذهب الظاهرية عدم وجوب الترتيب واعتبروه مضافا، ومذهب مالك أن الترتيب واجب كما قلنا ولكنه لا يسقط بالنسيان ولا بضيق الوقت ولا يكره الفوائت، كذا في " شرح الإرشاد "، وفي " شرح المجمع " والصحيح المعتمد عليه من مذهب مالك سقوط الترتيب بالنسيان كما نطقت به كتب مذهبه، وعند أحمد لو تذكر الفائتة في الوقتية يتمها ثم يصلي الفائتة ثم يعيد الوقتية، وذكر بعض أصحابه، أنها تكون نافلة وهذا يفيد وجوب الترتيب، ولو اجتمعت الفوائت وجب عليه الترتيب مع الذكر، ولا فرق بين قليلها وكثيرها إلا أن يضيق الوقت فعنه روايتان كذا في " الحلية ".

م: (لأن كل فرض أصل بنفسه فلا يكون شرطا لغيره) ش: فإذا كان الترتيب فرضا يلزم أن يكون إذا الفائت شرطا لصحة الوقتية فلا يجوز لأن شرط الشيء تبع لذلك الشيء وكل صلاة أصل بنفسها وبين كون الشيء أصلا وتبعا ينافي ذلك كالصيامات المتروكة والمدلولات وسائر العبادات، فإن صوم اليوم الأول لا يتوقف على صحة اليوم الثاني فإن قلت: يرد على ما ذكرته الإيمان؛ فإنه أصل جميع العبادات، وهو شرط لصحتها، والصوم فرض مستقل، وهو شرط الاعتكاف الواجب بالاتفاق. قلت: الأصل هذا وهو أن الشيء إذا كان مقصودا بنفسه لا يكون شرطا لغيره، ولكن إذا قام دليل على أنه شرط لغيره يصح أن يكون شرطا لغيره مع بقائه مقصودا

<<  <  ج: ص:  >  >>