قال: ومن استأجر أرضا أو استعارها فأحرق الحصائد فاحترق شيء في أرض أخرى فلا ضمان عليه؛ لأنه غير متعد في هذا التسبيب، فأشبه حافر البئر في دار نفسه.
ــ
[البناية]
[[مسائل منثورة في الإجارة]]
م:(مسائل منثورة) ش: مسائل مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي هذه مسائل. وقوله منثورة بالرفع صفة المسائل، وتقدم معنى النثر.
م:(قال: ومن استأجر أرضا أو استعارها فأحرق الحصائد) ش: وهو جمع حصيد وهو الزرع المحصود، وأريد هاهنا ما يبقى من أصول الزرع المحصود في الأرض، وحصد الزرع جزه من باب طلب وضرب م:(فاحترق شيء في أرض أخرى فلا ضمان عليه، لأنه غير متعد في هذا التسبيب) ش: وفي بعض النسخ في هذا السبب فإنه مسبب لا مباشر، والضمان بطريق التسبيب يعتمد التعدي في التسبيب م:(فأشبه حافر البئر في دار نفسه) ش: فإن من حفر بئرا في ملكه فوقع فيها إنسان فهلك لا يضمن.
ولو رمى سهما في ملكه فأصاب إنسانا أو مالا فهلك يضمن، لأنه مباشر فلم يتوقف على التعدي، ولهذا، لأن المباشرة علة فلا يبطل حكمها بعذر، فأما التسبيب فليس بعلة فلا بد من صفة العدوان ليلحق بالعلة، وإحراق الحصائد هنا مباح وليس بتعد فلا يضاف التلف إليه.
ونقل صاحب " الأجناس " عن زيادات الأصل: لو وضع جمرا في الطريق فحركته الريح فذهب به من ذلك الموضع فأحرق شيئا لم يضمن من قبل أنه قد تغير عن حاله التي وضع عليها. وكذلك وإذا وضع حجرا.
وفي " الواقعات ": رجل أحرق شوكا أو بيتا في أرض، فذهبت الريح بالشرارات إلى أرض جاره فأحرق أرضه، إن كانت النار تبعد من أرض الجار على وجه لا يصل إليه شرر النار في العادة فلا ضمان عليه، لأن ذلك حصل بفعل النار وأنه جبار، ولو كان أرضه على وجه يصل إليه شرر النار فإنه يضمن لأن له أن يوقد النار في أرضه، ولكن على وجه لا يتعدى ضرره إلى أرض جاره، وهذا كما إذا سقى أرض نفسه فتعدى إلى أرض جاره. وكذلك لو أن رجلا اتخذ في داره هدفا يرمي إليه فجاز السهم داره وصار إلى دار جاره وقتل رجلا أو أفسد مالا فهو ضامن قيمة المال ودية المقتول على عاقلته.
وكذلك الحداد لو أخرج الحديدة من الكورة وذلك في حانوته ووضعه على العلاة وضربه بمطرقة فخرج شررها إلى طريق العامة فأحرق رجلا أو فقأ عينه فديته على عاقلته. ولو أحرق ثوب إنسان فقيمته على الحداد في ماله. ولو لم يضربه بالمطرقة حتى وضعه على العلاة فأخرج