وقيل: هذا إذا كانت الرياح هادنة ثم تغيرت. أما إذا كانت مضطربة يضمن؛ لأن موقد النار يعلم أنها لا تستقر في أرضه. قال: وإذا قعد الخياط أو الصباغ في حانوته من يطرح عليه العمل بالنصف فهو جائز؛ لأن هذه شركة الوجوه في الحقيقة، فهذا لوجاهته يقبل وهذا لحذاقته يعمل فينتظم بذلك المصلحة، فلا تضره الجهالة فيما يحصل.
ــ
[البناية]
الريح شرره فأصاب ما أصاب فهو هدر.
وفي " المسائل ": سقى أرضه فسال من مائه في أرض رجل فغزتها أو ترت لا ضمان عليه، لأنه غير متعد في التسبيب. وكذا إذا أحرق كلأ أو حصائد في أرضه فذهب النار فأحرق شيئا لغيره لم يضمن لا جرم وإن كان يوم ريح فعلم أنه يذهب منها فقيل يضمن.
م: (وقيل هذا) ش: قائله شمس الأئمة السرخسي - رَحِمَهُ اللَّهُ - وقال الأترازي - رَحِمَهُ اللَّهُ -، أي قال المشايخ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -، هذا الذي قاله محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - في " الجامع الصغير " عن عدم الضمان بإحراق الحصائد إذا احترق شيء من أرض أخرى م: (إذا كانت الرياح هادنة) ش: حين أوقد النار.
قال السغناقي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: " هادنة " بالنون أي ساكنة من هدن إذا سكن، وفي نسخة هادئة من هدأ بالهمز، أي سكن، قال الشاعر:
إن السباع لتهدي في فراسيها ... والناس ليس بهاد شرهم أبدا
أي لتسكن. وأصله لتهدأ بالهمزة، حذفه الشاعر وقبله بيت آخر وهو:
ليت السباع لنا كانت مجاورة ... فإننا لا نرى فيمن ترى أحدا
م: (ثم تغيرت) ش: قويت واشتدت م: (أما إذا كانت مضطربة) ش: حين أوقدها م: (يضمن، لأن موقد النار يعلم أنها لا تستقر في أرضه) ش: ولكنها تذهب بها إلى أرض الجيران، فصار كأنه ألقاها في أرضهم.
م: (قال) ش: أي في " الجامع الصغير ": م: (وإذا قعد الخياط أو الصباغ في حانوته من يطرح عليه العمل بالنصف) ش: بأن كان صاحب الدكان ذا جاه لا حذاقة له في العمل فأقعد من يعلم ويعمل بالنصف م: (فهو جائز) ش: أي استحسانا م: (لأن هذه شركة الوجوه في الحقيقة، فهذا لوجاهته يقبل، وهذا لحذاقته يعمل فينتظم بذلك المصلحة فلا تضره الجهالة فيما يحصل) .
ش: وفي القياس لا يجوز، وهو قول الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - لأن رأس مال صاحب الدكان المنفعة وهي لا تصلح رأس مال الشركة، ولأن التقبل للعمل على ما ذكر صاحب الدكان فيكون العامل أجيره بالنصف وهو مجهول، وإن تقبل العمل العامل كان مستأجرا لموضع