ش: أي هذا كتاب في بيان أحكام الأضحية، وجه المناسبة بين الكتابين من حيث اشتمال كل منهما على الذبح، إلا أن الذبح أعم من الأضحية. والخصوص يكون بعد العموم.
وفي اللغة اسم ما يذبح في يوم الأضحى، على وزن أفعلة وكان أصلها أضحوية اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء وكسرت الحاء لتناسب الياء، ويجمع على أضاحي بتشديد الياء كالياء في جمع أروية، هي أنثى من الوعل.
قال الأصمعي: فيها أربع لغات: أضحية بضم الهمزة وكسرها، وضحية بفتح الضاد على وزن فعلية كهدية وهدايا، وأضحاة وجمعها أضحى كأرطاة وأرطى قال الفراء: الأضحية تذكر وتؤنث. وفي " الشريعة ": عبارة عن ذبح حيوان مخصوص في وقت مخصوص وهذا يوم الأضحى وشرائطها تذكر في أثناء الكتاب، وسببها الوقت وهو أيام النحر؛ لأن السبب إنما يعرف بنسبة الحكم إليه.
وتعلقت به إذ الأصل في إضافة الشيء إلى الشيء أن يكون سببا، وكذا الأزمنة فيتكرر بتكرره كما عرف في الأصول، ثم الأضحية تكررت بتكرر الوقت، وهو ظاهر، وقد أضيف المسبب إلى حكمه فقال: يوم الأضحى، فكان كقولهم يوم الجمعة ويوم العيد ولا نزاع في أن سببه ذلك، ومما يدل على سببية الوقت امتناع التقديم عليه كامتناع تقديم الصلاة عليها.
فإن قلت: لو كان الوقت سببا لوجبت على الفقير؟
قلت: الغنى شرط الوجوب وهي واجبة بالقدرة الممكنة بدليل أن الموسر إذا اشترى شاة للأضحية في أول يوم النحر ولم يضح حتى مضت أيام النحر ثم افتقر كان عليه أن يتصدق بعينها أو بقيمتها ولا تسقط عنه الأضحية، ولو كانت بالقدرة الميسرة لكن دوامها شرطا كما في الزكاة والعشر والخراج بهلاك النصاب والخراج واصطلام الزرع آفة.
فإن قلت: أدنى ما يتمكن به المؤمن إقامتها تملك قيمة ما يحصل الأضحية ولا تجب إلا بملك النصاب، فدل على أن وجوبها بالقدرة الميسرة.
قلت: اشتراط النصاب لا ينافي وجوبها بالمكنة كما في صدقة الفطر، وهذا لأنها وظيفة مالية نظرا إلى شرطها وهو الحرية فيشترط فيه الغنى كما في صدقة الفطر.
فإن قلت: لو كان كذلك لوجب التمليك وليس كذلك لأن القرب المالية قد تحصل