والمحدود في القذف من أهل الولاية فيكون من أهل الشهادة تحملا.
ــ
[البناية]
ليست مستفادة من أهلية الشهادة، لأن عليه كذلك.
والجواب: أن كلامه إذا كان الفسق لا يمنع عن ولاية هي أعم ضررا فلأن لا يمنع عن ولاية عامة الضرر وخاصة أولى، والترتيب على هذا الوجه غير خلاف الصحة. ولو قال: الفاسق من أهل الولاية القاصرة بلا خلاف فيصلح شاهدا على الانعقاد لأنه لا إلزام فيه فكانت الولاية قاصرة لكان أسهل فهما.
[[شهادة المحدود في القذف على عقد النكاح]]
م: (والمحدود في القذف من أهل الولاية) ش: نظرا إلى الإسلام م: (فيكون من أهل الشهادة تحملا) ش: يعني من حيث تحمل الشهادة: لا من حيث الأداء.
وقَوْله تَعَالَى: {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} [النور: ٤] (النور: الآية ٤) ، نهي عن القبول، وهو يعدم وصف الأداء لا أصل الشهادة؛ إذ النفي عن قبول الشيء يقتضي تحقيق ذلك الشيء وفوت الثمرة لا يدل على فوت الأصل، كشهادة العميان على ما يجيء.
وقال ابن المنذر: اختار أبو جعفر وأصحابه بأعميين أو محدودين في القذف أو فاسقين الجمع على رد شهادتهما، وأبطلوه بشهادة العبدين، وقد اختلفوا في شهادتهما.
وأجاب عنه السروجي وقال: ما أجهله، وأكثر الخليفة ما لا يعرفه والمراد بالمحدودين التائبان وإلا فلا فائدة في ذكرهما مع ذكر الفاسقين وشهادتهما مقبولة عن جماعة من العلماء بعد التوبة، منهم الشافعي.
والفاسق له شهادة حتى لو حكم به حاكم نفذ حكمه، قال الله تعالى: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: ٦] ، (الحجرات: الآية ٦) ، فأمرنا بالتثبيت والتبين ولم يأمرنا بالدفع والرد، بخلاف العبدين، فإن الشهادة من باب الولاية إذ فيهما إلزام على الغير. والعبد ليست له ولاية على نفسه، فكيف تثبت له ولاية على غيره، وقد جازف في نقل الإجماع في رد شهادة المذكورين، قال: ولم يثبت عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في اشتراط الشاهدين في النكاح خبر.
قال: وكان يزيد بن هارون يعيب على أصحاب الرأي ويقول: أمر الله بالإشهاد في البيع ولم يأمر بالإشهاد في النكاح، فكيف زعم أصحاب الرأي أن البيع بدونه جائز، والنكاح بدونه فاسد؟
وقال السروجي: جهله أعظم من جهل ابن المنذر، لأن الأئمة قائلة على أن الأمر في الإشهاد على التبايع أمر استحباب، ويزيد ليس له من الفهم إلا المتعلق باللغة دون المعاني.
وجمهور العلماء وأهل الفتوى على اشتراط الإشهاد في النكاح، وطعنه هذا طعن على الذين ذكرناهم مما مضى عن ترتيب ولا يخص أبو حنيفة وأصحابه، انتهى.