باب الحجر بسبب الدين قال أبو حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - لا أحجر في الدين، وإذا وجبت ديون على رجل وطلب غرماؤه حبسه والحجر عليه لم أحجر عليه لأن في الحجر إهدار أهليته، فلا يجوز لدفع ضرر خاص فإن كان له مال يتصرف فيه الحاكم لأنه نوع حجر، ولأنه تجارة لا عن تراض فيكون باطلا بالنص،
ــ
[البناية]
[[باب الحجر بسبب الدين]]
م:(باب الحجر بسبب الدين) ش: أي هذا باب في بيان الحجر بسبب الدين. أخره عن حجر السفيه؛ لأن هذه الحجر موقوف على طلب الغرماء، فيكون فيه وصف زائد على المشاركة في أصل الحجر، فصار كالمركب فأخر لذلك.
م:(قال أبو حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - لا أحجر في الدين) ش: هذا كلام مجمل وفصله بقوله م: (وإذا وجبت ديون على رجل وطلب غرماؤه حبسه والحجر عليه لم أحجر عليه) ش: إنما أسند الفعل إلى نفسه في الموضعين تنبيها على شدة تأكيده على منع الحجر لا يقال: إن فيه تعظيما للنفس، لأن المعنى لو استفتيت أو رفع أمره إلى الحاكم لم أحجر عليه والكلام في موضعين:
أحدهما: أن من ركبه الديون وليس في ماله وفاء وخيف أن يلجأ ماله بطريق الإقرار، ويبيع التحلية وطلب الغرماء من القاضي الحجر عليه، لا يحجر عليه عند أبي حنيفة، وقالا: يحجر عليه، وبه قالت: الثلاثة.
والآخر: أنه لا يباع على المديون ماله في قوله، خلافا لهم والعروض، والعقار فيه سواء، عند مبادلة أحد النقدين بالآخر، فللقاضي أن يفعل ذلك عنده استحسانا لقضاء دينه م:(لأن في الحجر إهدار أهليته، فلا يجوز لدفع ضرر خاص) ش: وهو ضرر الدائن.
فإن قلت: العبد محجور لدفع ضرر خاص وهو ضرر المولى.
قلت: العبد أهدر أهليته وآدميته بالكفر.
م:(فإن كان له مال لم يتصرف فيه الحاكم، لأنه نوع حجر) ش: لأن بيع ماله غير مستحق لقضاء الدين لإمكان أدائه بوجه آخر فلا يكون للقاضي أن يباشر ذلك عليه عند امتناعه كما في الإجارة والتزويج إذ يمكنه قضاؤه بالاستقراض والاستيهاب.
م:(ولأنه تجارة لا عن تراض) ش: أي ولأن بيعه ما له بغير رضاه تجارة من غير تراض م: (فيكون باطلا بالنص) ش: وهو قَوْله تَعَالَى: {لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً