للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن يحبسه أبدا حتى يبيعه في دينه إيفاء لحق الغرماء ودفعا لظلمه. وقالا: إذا طلب غرماء المفلس الحجر عليه حجر القاضي عليه ومنعه من البيع والتصرف والإقرار حتى لا يضر بالغرماء، لأن الحجر على السفيه إنما جوزناه نظرا له، وفي هذا الحجر نظر للغرماء، لأنه عساه يلجئ ماله فيفوت حقهم. ومعنى قولهما: ومنعه من البيع أن يكون بأقل من ثمن المثل. أما البيع بثمن المثل لا يبطل حق الغرماء والمنع لحقهم فلا يمنع منه.

ــ

[البناية]

عَنْ تَرَاضٍ} [النساء: ٢٩] (النساء: الآية ٢٩) ، م: (ولكن يحبسه أبدا) ش: ولكن القاضي يحبس ماله أبدا.

وفي بعض النسخ ولكن يحبسه وأبدا نصب على الظرف م: (حتى يبيعه في دينه إيفاء لحق الغرماء ودفعا لظلمه) ش: الذي تحقق بالامتناع من قضاء الدين منه والحبس بالدين مشروع بالإجماع.

فإن قلت: روى الدارقطني من حديث ابن مالك، عن أبيه «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حجر على معاذ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ماله في دين كان عليه» . وعن عبد الرحمن بن كعب قال: كان معاذ شابا سخيا، وكان لا يمسك شيئا، فلم يزل يدان حتى أغرق ماله في الدين، فأتى غرماؤه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كلهم، فلو ترك أحد لترك معاذ لأجل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ماله حتى قام معاذ بغير شيء. قلت: هذا حكاية حال على أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بنو الآن ما لم يكن وفاء لدينه فالتمس رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن بينوا لي بيع ماله لبقي بدينه بواسطة بموكب تصرف رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على أنا نقول أنه مرسل وهو ليس بحجة عند الخصم.

م: (وقالا: إذا طلب غرماء المفلس الحجر عليه حجر القاضي عليه ومنعه من البيع والتصرف والإقرار حتى لا يضر بالغرماء، لأن الحجر على السفيه إنما جوزناه نظرا له، وفي هذا الحجر نظر للغرماء، لأنه عساه يلجئ ماله) ش: أي لأن المفلس المديون عسى أن يبيع ماله تلجئة من عظيم لا يمكن الانتزاع من يده، أو بقوله بماله.

وقال تاج الشريعة: أي يقر لغير الغرماء حتى لا يصل إليهم وهو بتشديد الجيم من لجأ تلجئة، وثلاث لجاء ولجأت إليه يجاء بالتحريك وملجأ والموضع لجاء وملجأ أيضا م: (فيفوت حقهم) ش: أي حق الغرماء.

م: (ومعنى قولهما) ش: أي قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله م: (منعه من البيع أن يكون بأقل من ثمن المثل) ش: أي أن يبيع بالغبن يسيرا كان أو فاحشا م: (أما البيع بثمن المثل لا يبطل حق الغرماء والمنع لحقهم فلا يمنع منه) ش: أي المنع إنما كان لحق الغرماء، فإذا كان بثمن المثل لا يمنع.

<<  <  ج: ص:  >  >>