للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

عن أبي حمزة ميمون القصاب عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال: «لم يقنت رسول - عَلَيْهِ السَّلَامُ - في الصبح إلا شهرا ثم تركه لم يقنت قبله ولا بعده» .

وجه الاستدلال به أنه يدل على أن قنوت رسول الله في الصبح إنما كان شهرا واحدا، وكان يدعو على أقوام، ثم تركه فدل على أن كان ثم نسخ. وقال الطحاوي: ثنا ابن أبي داود المقدمي ثنا أبو معشر ثنا أبو حمزة [ميمون القصاب] عن إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود قال: «قنت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شهرا يدعو على عصية وذكوان، فلما نهي عنهم ترك القنوت» وكان ابن مسعود لا يقنت في صلاته به، ثم قال: فهذا ابن مسعود يخبر أن قنوت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الذي كان إنما كان من أجل من كان يدعو عليه، وأنه قد كان ترك ذلك فصار القنوت منسوخا، فلم يكن هو من بعد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقنت، وكان أحد من روى أيضا عن رسول الله - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عبد الله بن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - ثم أخبرهم أن الله عز وجل نسخ ذلك حتى أنزل على رسول الله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} [آل عمران: ١٢٨] (آل عمران: الآية ١٢٨) ، فصار ذلك عند ابن عمر منسوخا أيضا فلم يكن هو يقنت بعد رسول الله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وكان ينكر على من يقنت، وكان أحد من روى عنه القنوت عن رسول الله - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عبد الرحمن ابن أبي بكر فأخبر في حديثه بأن [ما] كان يقنت به رسول الله دعاء على من كان يدعو عليه، وأن الله عز وجل نسخ ذلك بقوله: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ} [آل عمران: ١٢٨] الآية، ففي ذلك أيضا وجوب ترك القنوت في الفجر.

١ -

فإن قلت: [قد] ثبت عن أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه كان يقنت في الصبح بعد النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فكيف تكون الآية ناسخة لجملة القنوت، وكذا أنكر البيهقي ذلك فبسط فيه كلاما في كتاب " المعرفة "، فقال: وأبو هريرة أسلم في غزوه خيبر وهي بعد نزول الآية بكثير لأنها نزلت في أحد، وكان أبو هريرة يقنت في حياته - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وبعد وفاته.

قلت: يحتمل أن يكون أبو هريرة لم يعلم بنزول الآية، فكان يعمل على ما علم من فعل رسول الله - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وقنوته إلى أن مات؛ لأن الحجة لم تثبت عنده بخلاف ذلك، [ألا ترى] أن عبد الله بن عمر وعبد الرحمن بن أبي بكر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - لما علما بنزول الآية وعلما بكونها ناسخا لما كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يفعل ترك ذلك.

فإن قلت: روى مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن البراء بن عازب أن «النبي عليه

<<  <  ج: ص:  >  >>