للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك الكسوة، لأنه يراد به التمليك عند الإطلاق، ومنه الكسوة في الكفارة، وهو من الميت لا يتحقق إلا أن ينوي به الستر. وقيل بالفارسية ينصرف إلى اللبس، وكذا الكلام والدخول، لأن المقصود من الكلام الإفهام، والموت ينافيه.

ــ

[البناية]

لا يكون بلا حياة ولا علم. ثم اختلفوا فقيل يوضع فيه الحياة بقدر ما يتألم لا الحياة المطلقة. وقيل يوضع فيه الحياة من كل وجه.

م: (وكذلك الكسوة) ش: يعني إن قال إن كسوتك فعبدي حر، فكساه بعد الموت لا يحنث م: (لأنه يراد به) ش: أي بالكسوة على تأويل الاكتساء م: (التمليك) ش: أي تمليك الثوب م: (ومنه الكسوة في الكفارة) ش: أي في كفارة اليمين، قال الله عز وجل: {أَوْ كِسْوَتُهُمْ} [المائدة: ٨٩] فلو أنه أكسى عشرة أموات عن كفارة يمينه لم يجزه، لعدم التمليك، يؤيده أن الرجل لو قال كسوتك هذا الثوب يصير هبة.

قال الأترازي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وفيه نظر لا يخفى م: (وهو) ش: أي التمليك م: (من الميت لا يتحقق) ش: ولهذا لو تبرع عليه أحد بالكفن ثم أكله السبع يعود الكفن إلى المتبرع لا إلى وارث الميت، ذكره التمرتاشي - رَحِمَهُ اللَّهُ - م: (إلا أن ينوي به) ش: أي بالكسوة على تأويل الاكتساء م: (الستر) ش: فحينئذ يحنث، لأن فيه تشديدًا عليه، والميت يستر كالحي.

فإن قيل: الميت مما يكسى الكفن.

قلنا: لا، ولكن يلبس الكفن، والإلباس غير الاكتساء، فإنه لا يبنى على التمليك، والاكتساء يبنى على التمليك، يقال كسا الأمير فلانًا، أي ملكه كسوة، والإلباس عبارة عن الستر والتغطية، والميت محل لذلك، ألا ترى أنه لو حلف لا يلبس فلانًا ثوبًا فهو على الحياة والوفاة جميعًا كذا كره قاضي خان والمحبوبي - رحمهما الله.

م: (وقيل بالفارسية) ش: قائله أبو الليث - رَحِمَهُ اللَّهُ - أن اليمين المذكور إذا كانت باللغة الفارسية م: (ينصرف إلى اللبس) ش: يعني يراد به اللبس، ولا يراد به التمليك م: (وكذا الكلام) ش: وإن حلف لا يكلم فلانًا فكلمه بعد موته لا يحنث م: (والدخول) ش: بأن حلف لا يدخل على فلان فدخل عليه بعد ما مات لا يحنث في يمينه م: (لأن المقصود من الكلام الإفهام) ش: أي إفهامه فلانًا م: (والموت ينافيه) ش: أي ينافي الكلام، لأن المراد من الكلام الإسماع، والميت ليس بأهل الإسماع. ألا ترى إلى قَوْله تَعَالَى: {فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} [الروم: ٥٢] (الروم: الآية ٥٢) ، وإلى قَوْله تَعَالَى: {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [فاطر: ٢٢] (فاطر: الآية ٢٢) .

فإن قيل: قد روي «أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كلم أصحاب القليب يوم بدر حيث سماهم بأسمائهم " فقال هل وجدتم ما وعد ربكم حقًا، فقد وجدت ما وعدني ربي حقًا» » .

<<  <  ج: ص:  >  >>