للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يقطع التلبية كما يقف بعرفة لأن الإجابة باللسان قبل الاشتغال بالأركان. ولنا: ما روي «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما زال يلبي حتى رمى جمرة العقبة؛» ولأن التلبية فيه كالتكبير في الصلاة فيأتي بها إلى آخر جزء من الإحرام.

ــ

[البناية]

حصاة من العقبة.

قلت: ليس المراد أن يستمر على التلبية وحدها، بل يلبي ويكبر ويهلل، ويصلي على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وتكون التلبية في أثناء ذلك من غير انقطاع، وذلك لأن التلبية في الإحرام كالتكبير في الصلاة، ولهذا يؤتى في الانتقالات واختلاف الأحوال، كما في التكبير في الصلاة كما يتخلل بين التكبيرات في الصلاة بأشياء، فكذلك ينبغي أن يتخلل بين التلبية بالتكبير والتهليل والصلاة على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيؤتى بالتلبية إلى آخر جزء من الإحرام، وروى الفضل بن عباس «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة» متفق عليه.

م: (وقال مالك: يقطع التلبية كما يقف بعرفة؛ لأن الإجابة باللسان قبل الاشتغال بالأركان) ش: مبنى هذا الكلام أن التلبية إجابة اللسان، والإجابة باللسان قبل الاشتغال بالأركان كتكبيرة الافتتاح في الصلاة.

م: (ولنا: ما روي «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما زال يلبي حتى رمى جمرة العقبة» ش: هذا الحديث أخرجه الأئمة الستة في كتبهم عن الفضل بن عباس وقد ذكرناه الآن، وهو قول ابن مسعود وابن عباس وعطاء وطاووس والنخعي وابن أبي ليلى والثوري والشافعي وأحمد وإسحاق وقالوا يلبي حتى يرمي جمرة العقبة، ويقطعها مع أول حصاة يرميها.

وعند أحمد وإسحاق والظاهرية يقطعها إذا رمى الحصيات السبع بأسرها. وعن علي بن أبي طالب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه كان يقطعها إذا زاغت الشمس من يوم عرفة.

م: (ولأن التلبية فيه) ش: أي في الحج م: (كالتكبير في الصلاة فيأتي بها) ش: أي بالتلبية م: (إلى آخر جزء من الإحرام) ش: وهو يكون عند رمي جمرة العقبة، وكان القياس أن تكون التلبية إلى آخر الحج، إلا أن القياس ترك فيما بعد الرمي بعد الإجماع، فبقي ما رواءه على أصل القياس، والقارن مثل المفرد بالحج في قطعه التلبية.

وقال الكرخي: يقطع التلبية في أول حصاة في حجه الفاسد، وأما المحرم بالعمرة فإنه يقطع التلبية حين يستلم الحجر الأسود عندنا، وعند مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - إذا رأى البيت. وعند محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - والذي يفوته الحج يتحلل بعمرة ويقطع التلبية حين يأخذ في الطواف الذي يتحلل به، ويقطع المحصر التلبية إذا ذبح هديه، لأنه أبيح له التحلل.

<<  <  ج: ص:  >  >>