للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأن فيه إظهار مخالفة المشركين. وكان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يمشي على راحلته في الطريق على هينته، فإن خاف الزحام فدفع قبل الإمام، ولم يجاوز حدود عرفة أجزأه؛ لأنه لم يفض من عرفة والأفضل أن يقف في مقامه كيلا يكون آخذا في الأداء قبل وقتها، فلو مكث قليلا بعد غروب

ــ

[البناية]

م: (ولأن فيه) ش: أي في الدفع بعد غروب الشمس م: (إظهار مخالفة المشركين) ش: فإنهم كانوا يدفعون من عرفة قبل طلوع الشمس، وقال الأترازي «روي أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عشية يوم عرفة قال: أما بعد فإن هذا يوم الحج الأكبر، وإن أهل الشرك والأوثان كانوا يدفعون في هذا اليوم قبل غروب الشمس حين يقوم بها رؤوس الجبال، كأنها عام الرحال في وجوههم وإنا ندفع فلا تعجلوا، فدفع بعد غروب الشمس» انتهى.

قلت: هذا الحديث رواه الحاكم في " المستدرك " من حديث المسور بن مخرمة قال: «خطبنا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعرفات» .. الحديث، ثم قال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، قال فقد صح بهذا سماع المسور بن مخرمة عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، لا كما يتوهمه رعاع أصحابنا أن له رواية بلا سماع، وهذا رواه الشافعي والبيهقي - رَحِمَهُ اللَّهُ - أيضاً، والعجب من الأترازي مع دعواه الفريضة كيف يذكر الحديث بصيغة التمريض.

م: (وكان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يمشي على راحلته في الطريق على هينته) ش: - في الطريق - أي في طريق المزدلفة. وفي حديث جابر الطويل قال: «دفع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقد شق للقصواء الزمام، حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله وهو يقول بيده اليمنى: أيها الناس السكينة» ... الحديث.

م: (فإن خاف الزحام) ش: أي وإن خاف الحاج إلحاق الزحام، أي زحمة الناس م: (فدفع قبل الإمام، ولم يجاوز حدود عرفة أجزأه) ش: كذا إذا كان به علة فدفع قبل الإمام م: (لأنه لم يفض من عرفة) ش: بضم الياء وكسر الفاء من الإفاضة، وهو الدفع من عرفات، م: (والأفضل أن يقف في مقامه كيلا يكون آخذا في الأداء قبل وقتها) ش: أي قبل وقت الإفاضة وفيه إشارة إلى أنه إن جاوز عرفة قبل الإمام وقبل غروب الشمس وجب عليه الدم، ولكن إن عاد إلى عرفة قبل الغروب ثم دفع مع الإمام منها بعد الغروب سقط عنه الدم.

وقال زفر - رَحِمَهُ اللَّهُ - لا يسقط، وعن أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - يسقط صححه الكرخي، وبه قال مالك والشافعي وأحمد، وإن عاد بعد غروب الشمس لم يسقط بالاتفاق، ولو ند بعيره فتبعه حتى خرج من عرفات إذا أخرجه بعيره فعليه دم، ولا يسقط بالعود، كذا في " المحيط " و " خزانة الأكمل "، وقال أبو يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ - لا أحفظ فيه شيئاً عن أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -.

م: (ولو مكث قليلا بعد غروب الشمس وإفاضة الإمام لخوف الزحام فلا بأس به) ش: وكذا

<<  <  ج: ص:  >  >>