ولأن الموادعة جهاد معنى إذا كان خيرا للمسلمين لأن المقصود وهو دفع الشر حاصل به، ولا يقتصر الحكم على المدة المروية لتعدي المعنى إلى ما زاد عليها، بخلاف ما إذا لم تكن خيرا لأنه ترك الجهاد صورة ومعنى.
ــ
[البناية]
ش: الحديث رواه أحمد في مسنده مطولاً من حديث محمد بن إسحاق، وفيه «خرج رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عام الحديبية يريد زيارة البيت لا يريد قتالاً وساق الهدي مع سبعين بدنة، وكان الناس سبعمائة رجل إلى أن قال: هذا ما اصطلح عليه محمد بن عبد الله وسهيل بن عمرو على وضع الحرب عشر سنين يأمن فيها الناس ويكف بعضهم عن بعض..» الحديث.
وقال الأترازي: فيه نظر، أي في الذي ذكره صاحب الهداية، لأن الصلح عند أصحاب المغازي أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وادعهم على ترك القتال سنين، هكذا ذكره المعتمر ابن سليمان في كتابه عن أبيه انتهى.
قلت: كلامه يدل على أن عشر سنين غير صحيح ولم يطلع في كتب الحديث، فهذا من رواية أحمد عشر سنين، وفي سيرة ابن هشام عشر سنين، وفي سنن أبي داود عشر سنين، وفي مغازي الواقدي عشر سنين، نعم وقع في رواية البيهقي في " دلائل النبوة " سنتين من رواية موسى ابن عتبة.
وكذلك في رواية ابن عائد عن محمد بن شعيب أن مدة الصلح كانت سنتين بعد ذلك، قال أبو الفتح العميري: أهل النقل يختلفون في تجريد المعرة بعشر سنين.
وقال السهيلي في " الروض الأنف " اختلف العلماء هل يجوز الصلح إلى أكثر من عشر سنين؟ رجحه المشائعين أن منع الصلح هو الأصل، بدليل آية القتال، وقد ورد التحديد بالعشر في حديث ابن إسحاق فحصلت الإباحة في هذا القدر، ويبقى الزائد على الأصل انتهى، وهذا هو التحقيق في تجريد الكلام في هذا المقام، فإن أحداً من الشراح لم يسلك فمنهم من سكت عنه بالكلية.
م:(ولأن الموادعة جهاد معنى إذا كان خيراً للمسلمين، لأن المقصود وهو دفع الشر حاصل به) ش: أي بالموادعة، وإنما ذكر الضمير باعتبار معنى الصلح، وكذا الكلام في تذكير الضمير في قوله إذا كان خيراً م:(ولا يقتصر الحكم على المدة المروية) ش: يعني عشر سنين، لأن مدة الموادعة تدور مع المصلحة وهي قد تزيد وقد تنقص م:(لتعدي المعنى) ش: وهو دفع الشر م: (إلى ما زاد عليها) ش: أي على المدة المروية م: (بخلاف ما إذا لم تكن خيراً) ش: متصل بقوله إذا كان خيراً، يعني لا يجوز الصلح إذا لم يكن خيراً للمسلمين م:(لأنه ترك الجهاد صورة ومعنى) ش: أما صورة فظاهر حيث ترك القتال.