والأسآر عندنا أنواع أربعة. وقال الأسبيجابي على خمسة أوجه، قالوا: نوع متفق على طهارته من غير كراهة كسؤر بني آدم مسلمهم، وكافرهم، صغيرهم، وكبيرهم، ذكرهم، وأنثاهم، طاهرهم، ونجسهم، حائضهم، وجنبهم، إلا في حال شرب الخمر، فإن سؤره نجس، فإن بلع ريقه ثلاث مرات طهر فيه عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - وكذا سؤر ما يؤكل لحمه كالإبل والبقر والغنم. وهو نوع نجس وهو سؤر سباع البهائم. ونوع مكروه: وهو سؤر النمر. ونوع مشكوك فيه: كسؤر الحمار والبغل، وقال الأسبيجابي: النوع الخامس: سؤر الخنزير فإنه متفق على نجاسته والخلاف فيما عداه.
قلت: هذا ممنوع، فإن مالكا وداود قالا بطهارته مع سؤر الكلب وكراهة سؤرهما. قوله: وغيرها أي وغير الأسآر كاللعاب والعرق وعرق كل شيء معتبر بسؤره. قال الأكمل: كان الواجب أن يقول: وسؤر كل شيء معتبر بعرقه؛ لأن الكلام في السؤر لا في العرق، وليس بصحيح؛ لأن المصنف أراد أن يبين في ضمن الأسآر العرق، فلو قال: وسؤر كل شيء معتبر بعرقه لوجب أن يقول بعده عرق الآدمي كذا وعرق الكلب كذا وعرق الخنزير كذا، وكان الفصل إذ ذاك للعرق لا للسؤر.
قلت: القائل في قوله: "قيل" هو السغناقي، فإنه قال في شرحه، فإن قلت: كان من حق الكلام أن يقول: وسؤر كل شيء معتبر بعرقه؛ لأن الكلام في السؤر لا في العرق، فحقه أن يجعل السؤر مقيسا عليه.
ثم قال: قلت: نعم كذلك إلا أنهما لما كانا متولدين من أصل واحد لا مفاضلة لأحدهما على الآخر، كان كل واحد منهما بنية الآخر مقيسا ومقيسا عليه، وذكر في " الإيضاح " هكذا، وتبعه صاحب " الهداية ".
وقال صاحب " الدراية ": م: (وعرق كل شيء معتبر بسؤره) ش: أي حكمهما واحد لا مفارقة بينهما إلا أن يكون أحدهما مقيسا والآخر مقيسا عليه.
م:(لأنها يتولدان من لحمه) ش: قلت: كلام المصنف ألطف من الأكمل؛ لأن المصنف أراد أن يبين في ضمن الأسآر العرق، فليس كذلك لأن المصنف بين العرق قصدا، وكيف بيانه في ضمن الأسآر وقد فتح هذا الفصل ببيان العرق حيث قال: وعرق كل شيء معتبر بسؤره، فجعل العرق مقيسا والسؤر مقيسا عليه، فلزم من ذلك بيان المقيس عليه حتى يعلم المقيس وبين ذلك بقوله: وسؤر الآدمي. . إلخ. ولا يرد عليه النقض بسؤر الحمار لأنه مشكوك فيه، وعرقه طاهر لأن الشك في طهوريته لا في طهارته، وقول الأكمل أيضا: وكان الفصل إذ ذاك للعرق لا