وفي " الذخيرة ": إن انفلت الأسير من العدو فوطن نفسه على إقامة شهر اختيارا أو نحوه قصر، لأنه محارب العدو، وكذا إذا أسلم فهرب منهم وطلبوه ليقتلوه فخرج هاربا مسيرة السفر، ثم إذا لم يعلم التابع نية المتبوع للإقامة لا يلزم الإتمام حتى يعلم كما في توجه الخطاب، وهو الأصح، وقيل: يلزمه الإتمام لأنه ضمني كعزل الوكيل والمكره بالسفر كالأسير يقصر، وبه قال مالك وأحمد، وقال الشافعي: لا يقصر لعدم النية.
صبي وكافر سافرا، ثم أسلم الكافر وبلغ الصبي، فإن بقي إلى مقصدهما مسيرة سفر قصرا وإن لم يبق فالكافر يقصر دون الصبي، لأن نيته صحيحة، لأنه من أهله، بخلاف الصبي، وقال الفضلي: حكمهما حكم المقيم، وقال بعض المشايخ: حكمهما حكم المسافر، والمختار الأول.
ولو طهرت الحائض في السفر، وبينهما وبين المقصد أقل من مسيرة سفر تتم، هو الصحيح، ارتد في السفر ثم أسلم من ساعته، وبينه وبين المقصد أقل من مسيرة سفر يقصر، وكذا المرأة لو طلقها زوجها بائنا، أو رجعيا، وانقضت عدتها وبينها وبين المقصد أقل من مدة السفر، فأما قبل انقضاء العدة فحكمها في الرخصة حكم الزوج. ولا يكره الخروج للسفر يوم الجمعة قبل الزوال وبعده.
وقال الشافعي: يكره قبل الجمعة. وقبل الزوال له قولان، أصحهما أنه يكره وهو قول أحمد، وقال في " القديم ": لا يكره وهو قول مالك، ولو سافر في رمضان لا يكره من دخل دار الحرب مستأمنا ونوى الإقامة في دارهم في موضع الإقامة صحت نيته.