للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

«صلى بنا رسول الله - عَلَيْهِ السَّلَامُ - صلاة العصر، وفي لفظ لهما: صلى بنا ركعتين من صلاة الظهر، ثم سلم فأتاه رجل من بني سليم» .

قلت: حديث ذي اليدين قد كان في وقت كان الكلام مباحا في الصلاة ثم انتسخ ذلك، ألا ترى أن ذا اليدين كان عامدا بالكلام ولم يأمرهم بالإعادة، ويدل على نسخه أيضا أن ذا اليدين لم يسبح لرسول الله - عَلَيْهِ السَّلَامُ - باتفاقنا أن رجلا لو ترك إمامه شيئا من صلاته يسبح له ليعلم إمامه ما قد تركه فدل أن ما علمه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - الناس من التسبيح في الصلاة لنائبة كان متأخرا عن ذلك، والدليل على كون الكلام مباحا ثم نسخ بحديث زيد بن أرقم وحديث ابن مسعود.

«فحديث زيد أخرجه البخاري ومسلم عنه قال: كنا نتكلم في الصلاة يكلم الرجل صاحبه وهو إلى جنبه في الصلاة حتى نزلت {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: ٢٣٨] [البقرة: الآية ٢٣٨] ، فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام» .

«وحديث ابن مسعود أخرجه أيضا عنه قال: " كنا نسلم على رسول الله - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وهو في الصلاة فيرد علينا، فلما رجعنا من عند النجاشي سلمنا عليه، فلم يرد علينا، فقلنا: يا رسول الله، كنا نسلم عليك فترد علينا، فقال: إن في الصلاة شغلا " وأخرجه أبو داود في لفظه: أنه قد حدث أن لا تكلموا في الصلاة» ورواه ابن حبان في " صحيحه ".

والدليل أيضا على النسخ أن أبا بكر وعمر وغيرهما من الناس تكلموا عامدين.

فإن قلت: أبو هريرة أسلم بعد فتح خيبر وحرمة الكلام كانت ثابتة حين قدم من الهجرة، وفتح خيبر كانت سنة سبع من الهجرة، وقال أبو هريرة في حديثه: صلى بنا.

قلت: معناه صلى بنا أي بأصحابنا وهذا جائز في اللغة كما روي عن النزال بن سبرة قال: قال لنا رسول الله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «وإنا وإياكم كنا ندعى بني عبد مناف.. الحديث» والنزال لم ير رسول الله - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وإنما أراد بذلك: قال لقومنا.

وروي عن طاوس قال: قدم علينا معاذ بن جبل - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فلم يأخذ من الخضروات شيئا، وإنما أراد قدم بلدنا؛ لأن معاذا إنما قدم اليمن على عهد رسول الله - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قبل أن يولد طاوس، وقد أشبعنا الكلام في شرحنا " لمعاني الآثار " للإمام الطحاوي - رَحِمَهُ اللَّهُ -.

وذو اليدين اسمه الخرباق وكنيته أبو العريان، وقال بعض أصحابنا منهم صاحب " المبسوط ": إن ذا اليدين قتل ببدر وذلك قبل فتح خيبر بزمان طويل.

قلت: هذا غير صحيح، والذي عليه أهل الأثر المحققون أنه عاش بعد النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أنه والذي قتل في بدر هو ذو الشمالين واسمه عمير بن عمر الخزاعي، وهو غير المتكلم في حديث

<<  <  ج: ص:  >  >>