هو المحكي من وضوئه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
ــ
[البناية]
وخامس: يفصل بينهما بغرفتين يتمضمض من غرفة ثلاثا ويستنشق من أخرى ثلاثا، وفي " الروضة "، وفي كيفيته وجهان: أصحهما يتمضمض من غرفة ثلاثا ويستنشق غرفات، ومذهب أحمد كمذهب الشافعي، ومذهب مالك ما ذكره في " الموطأ " و " الجواهر " حكى ابن سابق في ذلك قولين:
أحدهما: يغرف غرفة واحدة لفيه، وأنفه.
والثاني: يتمضمض ثلاثا في غرفة ويستنشق ثلاثا في غرفة، فقال: وهذا اختيار مالك، والأول اختيار الشافعي، وأشار المصنف إلى دليل أصحابنا بقوله:
م:(هو المحكي من وضوئه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) ش: المحكي يستعمل في رواية الفعل، والمروي في رواية اللفظ، قال صاحب " الدراية ": حكى عثمان وعلي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وضوء رسول الله - عَلَيْهِ السَّلَامُ - هكذا نسبه إلى " المحيط "، ولم يبين حديثهما كيف هما، وأما قوام الدين فإنه قال: ولنا أن الأنف والفم عضوان منفردان فلا يجمع بينهما بماء واحد كسائر الأعضاء، وأما أكمل الدين فإنه قال كقول قوام الدين.
وأما السغناقي فإنه قال بعد احتجاج الشافعي بما روي أنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كان يتمضمض ويستنشق بكف واحد وله عندنا تأويلان: أحدهما: أنه لم يستعن في المضمضة والاستنشاق باليدين كما في غسل الوجه، والثاني: أن فعلهما باليد اليمنى ردا على قول من يقول: يستعمل في الاستنشاق اليد اليسرى؛ لأن الأنف موضع الأذى كموضع الاستنجاء، ثم نسبه إلى " المبسوط " فانظر إلى هذا الشأن العجيب، بل يرد ما احتج به الشافعي من الصحيح بما ذكروه، وكان الواجب أن يذكر وربما احتجت به أصحابنا من الأحاديث، ثم يجيبوه عن أحاديثه، ثم يقووا ذلك بدلائل أخرى في التأويلين المذكورين؛ نظرا لأن الأحاديث المصرحة بأنه تمضمض واستنشق بماء واحد لا يمكن تأويلها بما ذكروه، فنقول وبالله التوفيق:
أما ما احتج به أصحابنا فما ذهبوا إليه هو الحديث الذي رواه الترمذي من حديث علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وفيه:«فغسل كفيه حتى أنقاهما ثم مضمض ثلاثا، واستنشق ثلاثا.» الحديث، وقال: هذا حديث حسن صحيح.
فإن قلت: لم يحك فيه أن كل واحدة من المضامض والاستنشاقات بماء واحد، بل حكى أنه تمضمض ثلاثا واستنشق ثلاثا.