قال:«إن لكل شيء شرفا، وإن شرف المجالس ما استقبل به القبلة، واقتلوا الحية والعقرب وإن كنتم في صلاتكم» ، وسكت عنه، وقد علمت عنه أن زيادة لفظة ولو كنتم في الذي ذكره المصنف موجودة في الحديث غير أنها في رواية ابن عباس لا في رواية أبي هريرة فافهم، فاندفع بهذا [ما] قاله السروجي - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وأصحابنا زادوا فيه ولو كنتم وقوله الأسودين من باب العمرين والقمرين من باب التغليب؛ لأن الأسود هو العظيم من الحيات وفيه سواد، وانضم إليه العقرب لمجانسة بينهما في الأذى، وفي حديث عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «رأيتنا وما لنا طعام إلا الأسودين، المراد منهما التمر والماء» .
م:(ولأن فيه) ش: أي في قتل الحية والعقرب م: (إزالة الشغل) ش: بفتح الشين المعجمة أي شغل القلب م: (فأشبه درء المار) ش: أي أشبه قتل الحية والعقرب دفع المار من بين يديه في الصلاة، وفيه إشارة إلى الجواب عما قاله بعض المشايخ أن قتلهما إن أمكنه بضربة أو وطأة أو مقطة فعل؛ لأنه عمل يسير، وإن احتاج إلى المشي أو للضرب يفسد الصلاة لأنه عمل كثير، وتقدير الجواب: أنه عمل رخص فيه للمصلي لإزالة شغل قلبه، وفيه إصلاح صلاته فلا حاجة إلى التفصيل.
م:(ويستوي جميع أنواع الحيات) ش: يعني الحية التي تسمى جنية وغيرها م: (هو الصحيح) ش: يعني [أن [إباحة قتل جميع أنواع الحيات هو الصحيح، واحترز به عن قول الفقيه أبي جعفر، فإنه يقول: الحيات على نوعين منهما: ما يكون من سواكن البيوت [لها ضفيرتان] وهي جنية، ومنها ما لا يكون منها، والجنية صورتها بيضاء لها صفيرتان تمشي مستوية فلا يباح قتلها، [أو غير جنية وهي السوداء تمشي ملتوية فله قتلها] ، ولم يذكر في " الجامع الصغير " قتل الحية، وإنما ذكرها في كتاب الصلاة، وفي قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اقتلوا الأسودين» إشارة إلى هذا، وأيده بقوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «إياكم والحية البيضاء فإنها من الجن» ، وفي غير الصلاة على قوله لا يحل قتلها إلا بعد الإعذار والإنذر بأن يقول له خلي طريق المسلمين فإن أبى فحينئذ يقتله.
وغير الجن مما لو كان يضرب لونه إلى الاسوداد في سنه التواء، والإمام أبو جعفر الطحاوي - رَحِمَهُ اللَّهُ - يقول: إنه فاسد من قبل أن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أخذ على الجن العهود والمواثيق بأن لا يظهروا لأمته في صورة الحية ولا يدخلوا بيوتهم، فإذا نقضوا العهد يباح قتلها. وقال الإمام قاضي خان - رَحِمَهُ اللَّهُ -: والأولى هو الإعذار رجاء العمل بالعهد.
فإن قلت: روي عنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «اقتلوا الحيات ذا الطفيتين والأبتر» فدل على الخصوص.