والزكاة والصيام وقال في آخره: «والله لا أزيد على هذا ولا أنقص، فقال - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: " أفلح إن صدق» ، ولم يذكر الحج، فدل على أنه كان قبل وجوب الحج، فكذا يجوز أن يكون سؤاله قبل أن يزاد على الخمس فلا يكون حجة.
وعن حديث ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - بأنه ضعيف، قال الذهبي: هو غريب منكر، وفي سنده الذي أخرجه الحاكم وأحمد وابن حبان والكلبي ضعفه النسائي والدارقطني، وفي سند آخر فيه جابر الجعفي وهو مختلف فيه، وكذا أخرجه البيهقي بسند فيه أبو حيان، وقال: هو ضعيف مدلس واسمه يحيى بن حية، وقال الثوري: إنما ذكرت هذا الحديث لما بين ضعفه والحذر من الاغترار به، وله طريق آخر عند ابن الجوزي في " العلل المتناهية " فيه وضاح بن يحيى ومندل وهما ضعيفان. وأخرج ابن الجوزي أيضا نحوه من حديث أنس وفيه عبد الله بن محيريز وهو ساقط.
وقال ابن حبان: كان يكذب، وأجاب أصحابنا عنه بأن الحسن يقول: بموجبه لأن الوتر ليس من المكتوبات بل من الواجبات، والواجب مختلف في ذاته وليس كل واجب مكتوب، ألا ترى أن صلاة العيدين واجبة وليست بمكتوبة وليس وجوبها كوجوب صلاة [......] والجمعة، وغسل الميت واجب وليس كغسل الجنابة، وصدقة الفطر واجبة وليست كالزكاة، وسجدتا السهو واجبتان وليستا كسجود الصلاة؛ لأن طريق الواجبات مختلفة بنص القرآن وبالمتواتر والمشهور وبالآحاد، والوتر ليس وجوبه بطريق الآحاد. وأجيب عن قوله: وهي لكم سنة بأن تحقيق الثلاث سنة لكم؛ لأن كلا منها سنة بانفرادها.
وأما احتجاجهما بفعله - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إياه على الراحلة، والفرائض لا تؤدى عليها، فغير مستقيم على أصلهما؛ لأنهما يريان الوتر فرضا على النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، [ثم] الدعوى بجواز هذا الفرض دون سائر الفروض تحكم لا دليل عليه، فإن كانت شبهتهما حديث ابن عباس المذكور فقد بينا حاله، وقال القرافي في " الذخيرة " أن الوتر في السفر ليس بواجب عليه وفعله - عَلَيْهِ السَّلَامُ - على الراحلة كان في السفر.
قلت: هذا الأصل له، وروى الطحاوي بإسناده «عن نافع ابن عمر أنه كان يصلي على راحلته ويوتر بالأرض، ويزعم أن رسول الله - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كان يفعل ذلك» وكذا عن مجاهد أن ابن عمر كان يصلي في السفر على بعيره أينما توجه، وإذا كان السحر نزل فأوتر، ولعل ما روي عن ابن عمر ما يخالف ذلك كان قبل تأكده ووجوبه.
وقال ابن العربي: قال أبو حنيفة الوتر واجب ولا يلحق بالواجب بالقران فكذلك يفعل على الراحلة.