ولهذا وجب القضاء بالإجماع، وإنما لا يكفر جاحده؛ لأن وجوبه ثبت بالسنة وهو المعني بما روي عنه أنه سنة،
ــ
[البناية]
يدل على وجوب الوتر قوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «إلا وهي الوتر» على سبيل التعريف، فهذا دليل على أنه كان معلوما عندهم، وزيادة تعريف وزيادة وصف وهو الوجوب لا أصله.
فإن قلت: جاء حديث عن أبي سعيد الخدري - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مرفوعا يدل على أنه لا يلزم أن يكون المزاد من جنس المزاد عليه وهو قوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «إن الله تعالى زادكم صلاة إلى صلاتكم هي خير من حمر النعم ألا وهي الركعتان قبل صلاة الفجر» ، أخرجه الحاكم وقال: حديث صحيح.
قلت: لا يمنع هذا ما ذكرنا؛ لأنه يجوز أن يكون المراد منه ركعتا الصبح ولهذا [جاء] التأكيد فيهما، وروى أبو هريرة عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أنه قال:«لا تدعوهما وإن طردتكم الخيل» ، رواه أبو داود ولهذا رأى محمد قضاءها بعد طلوع الشمس إلى وقت الظهر.
م:(ولهذا وجب القضاء بالإجماع) ش: أي ولأجل كون الوتر واجبا وجب القضاء بالإجماع، قال الأترازي: أي بإجماع أصحابنا، وقال الأكمل: قيل المراد بالإجماع إجماع أصحابنا على ظاهر الرواية، فإنه نقل عن أبي يوسف أنه لا يقضي خارج الوقت، وعن محمد أنه قال: أحب إلي أن يقضي، قيل: المراد بالإجماع إجماع السلف، لكنه لم يثبت إلا بطريق الآحاد.
قلت: هذا من كلام (الخبازي) وعلى غير ظاهر الرواية لا يصح الاستدلال على وجوبه بوجوب قضائه بالإجماع، وذكر الحافظ أبو جعفر الطحاوي أن وجوب الوتر إجماع من الصحابة، فعلى هذا لا يحتاج إلى تفسير قوله بالإجماع أي بإجماع أصحابنا، وعلى ظاهر الرواية، ولهذا سقط زعم الأكمل أيضا. وقوله وفي الجملة وكلامه في هذا الموضع لا يخلو عن تسامح ولكل جواد كبوة.
م:(وإنما لا يكفر جاحده لأن وجوبه ثبت بالسنة) ش: هذا جواب عن قولهما حيث لا يكفر جاحده أي لا كفر؛ لأن الجاحد إنما يكفر إذا كان الدليل قطعيا، وهاهنا ليس كذلك؛ لأن وجوبه ثبت بالسنة يعني بخبر الواحد، ولم يثبت بخبر التواتر ولا بالمشهور فصار دون من الذي ثبت بالمتواتر أو المشهور، فإن منكر الثابت بأحدهما يكفر م:(وهو المعني) ش: بكسر النون وتشديد الياء، أي كون وجوبه ثبت بالسنة م:(بما روي عنه أنه سنة) ش: وهو الحديث الذي رواه ابن عباس: «ثلاث كتب علي ولم تكتب عليكم وهي لكم سنة» .