للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن أراد أن يقنت كبر؛ لأن الحالة قد اختلفت ورفع يديه وقنت؛ لقوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لا ترفع الأيدي إلا في سبعة مواطن» وذكر منها القنوت:

ــ

[البناية]

، وأراد بقوله والله الواحد الصمد {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: ١] يدل على ذلك رواية النسائي وابن ماجه، وفي روايتهما {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: ١] و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: ١] .

وقال ابن قدامة: وحديث عائشة في هذا لا يثبت. قلت لا يفهم منها التعيين ولكن يتبرك بها فقرأها لكان حسنا، وقال الأترازي إذا لم يفعل ذلك بطريق المواظبة.

قلت: إذا كان قصده التبرك يكون حسنا سواء واظب عليها أو لا؛ لأن مواظبته لا تثبت الوجوب، وذكر الأسبيجابي أنه يقرأ في كل ركعة من الوتر بفاتحة الكتاب وسورة معها، ولو قرأ فيه بسبح و {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: ١] و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: ١] مع الفاتحة ولم يرها حتما بل خصصهما للتبرك والاقتداء بالنبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لا يكره. وفي " التحفة " إن فعل ذلك أحيانا كان حسنا.

م: (وإذا أراد أن يقنت كبر) ش: يعني مصلي الوتر إذا فرغ من القراءة في الركعة الثالثة كبر، خلافا لبعض أصحاب الشافعي. وقال أحمد: إذا قنت قبل الركوع كبر ثم أخذ في القنوت. قال في " المغني " لابن قدامة، وقد روي عن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه كان إذا فرغ من القراءة كبر، ومن يقنت بعد الركوع يكبر حين يركع، ونقل عن المزني أنه قال: زاد أبو حنيفة تكبيرة في القنوات لم تثبت في السنة ولا دل عليها قياسه، وقال أبو نصر الأقطع: هذا خطأ منه، فإن ذلك روي عن علي وابن عمر والبراء بن عازب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - والقياس يدل عليه أيضا، وأشار إليه المصنف بقوله م: (لأن الحالة قد اختلفت) ش: أي لأن حالة المصلي قد اختلفت؛ لأنه كان في حالة قراءة القرآن ثم ينتقل إلى حالة قراءة القنوت والحالتان مختلفتان، والتكبير في الصلاة عند اختلاف الحالة مشروع كما في حال الانتقال من القيام إلى الركوع ومن القومة إلى السجود.

فإن قلت: كان ينبغي أن يكبر بين الثناء والقراءة لاختلاف الحالة. قلت: الثناء مكمل للتكبير؛ لأنه يجانسه لكونه ثناء، وأما القنوت فواجب فيفرد بحكم على حدة، ولأن رفع اليد ثبت بالحديث الذي يأتي الآن وأنه غير مشروع بلا تكبير كما في تكبيرة الافتتاح وتكبيرات العيدين.

م: (ورفع يديه وقنت) ش: رفع يده كما في تكبيرة الافتتاح إعلاما للأصم، وللشافعي في رفع اليدين في القنوت وجهان، أحدهما الرفع ذكره في " الوسيط " وأظهرهما ما ذكره في " التهذيب " أنه لا يرفع، وبه قال مالك والليث بن سعد والأوزاعي وهو اختيار القفال وإمام الحرمين ولو قلنا: إنه يرفع هل يمسح بهما وجهه؟ في " التهذيب " أصحهما: أنه لا يمسح م: (لقوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لا ترفع الأيدي إلا في سبعة مواطن» ش: [التعليل لقوله " رفع يديه "] أي رفع يديه بعد فراغه من القراءة ثم قنت، والحديث المذكور يدل على أن الركعة الثالثة من الوتر بعد الفراغ عن

<<  <  ج: ص:  >  >>