غير أنه لم يذكر الأربع قبل العصر، فلهذا سماه في الأصل حسنا، وخير؛ لاختلاف الآثار
ــ
[البناية]
م:(غير أنه) ش: أي غير النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - م:(لم يذكر الأربع قبل العصر) ش: في تفسير حديث المثابرة، أراد بها بيان المذكور فيه، فإن المذكور في الكتاب أكثر من ثنتي عشرة م:(فلهذا) ش: أي فلأجل أنه لم يذكر الأربع قبل العصر في تفسير حديث المثابرة م: (سماه) ش: أي سمى محمد م: (في الأصل) ش: أي في المبسوط، وإنما سماه أصلا؛ لأنه صنفه أولا ثم صنف كتاب " الجامع الصغير " ثم كتاب " الجامع الكبير " ثم كتاب الزيادات م: (حسنا) ش: قال أبو سليمان الجوزجاني في " المبسوط " قلت لمحمد: فهل قبل العصر تطوع؟ قال: إن فعلت فحسن، قلت: فكم التطوع قبلها؟ قال: أربع ركعات م: (وخير) ش: أي خير محمد المصلي بين الأربع والركعتين قبل صلاة العصر.
م:(لاختلاف الآثار) ش: وهو أن ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قال: قال رسول الله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا،» رواه أبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن غريب، وأن عليا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال:«كان النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يصلي قبل العصر ركعتين» رواه أبو داود من حديث عاصم بن ضمرة عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وروى الترمذي عن عاصم بن ضمرة عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال:«كان النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يصلي قبل العصر أربع ركعات يفصل بينهن بالتسلم على الملائكة المقربين ومن معهم من المسلمين والمؤمنين» وقال: حديث علي حديث حسن.
فإن قلت: كيف؟ قال: لاختلاف الآثار، ولم يقل: لاختلاف الأخبار لأن الأثر مستعمل فيما يروى عن الصحابة والخبر ما يروى عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - في اصطلاح المحدثين، والاختلاف هاهنا في الأخبار كما ذكرنا، فكان ينبغي أن يقول لاختلاف الأخبار.
قلت: قال السغناقي ناقلا عن " الإيضاح ": ولم يقل لاختلاف الأخبار؛ لأن اختلاف الرواية بين الأربع والركعتين إنما جاء من فعل الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - لا من النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وعن النخعي كانوا يستحبون قبل العصر ركعتين، ولم يكونوا يعدونها من السنة، وهذا نقل من الصحابة. قلت: فيه نظر؛ لأن ما ذكرناه الآن من ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - يرد ما نقله، ونقله عن النخعي هذا لا يمنع كونه مفعولا من النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، فالمصنف - رَحِمَهُ اللَّهُ - إنما اعتمد في ذلك على ما نقل عن الصحابة، اختار لفظه الآثار، وأما من رأى أن الآثار والأخبار في الأصل يرجع إلى معنى واحد.