للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - «أنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كان يصلي بعد العشاء أربعا» روته عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -.

ــ

[البناية]

م: (ولأبي حنيفة أنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كان يصلي بعد العشاء أربعا، روته عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -) ش: لم أر أحدا من الشراح ولا من غيرهم من المتأخرين حققوا هذا الموضع ولا تعرضوا لحال هذا الحديث، وأعجب من الكل أن علاء الدين التركماني قال مقلدا لغيره: وهذا الحديث لم نجده، فنقول وبالله التوفيق:

أما الأترازي فإنه لم يترك هذا الحديث بالكلية، وإنما استدل لأبي حنيفة بالقياس حيث قال ولأبي حنيفة وجهان، أحدهما الاعتبار بالفرض وهو العشاء، فلو كان الأربع بتسليم فاصل أفضل من الأربع بلا تسليم فاصل لكن الفرض كذلك، لأن حال الفرض أقوى وهو بالفضيلة أولى، والثاني أن في الأربع بتسليمة واحدة مداومة على الطاعة، وفيها مشقة على النفس وفيما قالوا استراحة للنفس يكون ما صلاه أولى.

قلت: هذا ليس من دأب المصنفين ولا سيما المتقدمين بشرح الكتاب، فالمصنف يستدل بحديث ويأتي الشارح ويستدل بالقياس ولا يلتفت إلى الحديث وإلى حاله، ومع هذا الوجهان اللذان ذكرهما مدخول فيهما ولا يخفى على المتأمل.

وأما الأكمل فإنه لم يذكر شيئا أصلا، لا الحديث ولا غيره من وجوه الاستدلال لأبي حنيفة وقنع بقوله وكلامه ظاهر.

وأما صاحب " الدراية " فإنه قال ولأبي حنيفة ما روي «عن ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أنه بات عند خالته ميمونة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - يرقب صلاة النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أرسله أبوه لذلك، فلما صلى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - العشاء رقد مرقده ثم قام ونظر إلى السماء فقرأ خاتمة سورة آل عمران وتوضأ وصلى أربع ركعات بتسليمة واحدة» .

وحديث عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - حين سئلت عن صلاة رسول الله - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فقالت: «ما كان النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة يصلي أربعا لا تسأل عن حسنهن ولا عن طولهن، ثم يصلي أربعا لذلك، ثم يصلي الوتر» .

وأما السغناقي فإنه أيضا لم يذكر حديث عائشة المذكور أصلا، وإنما استدل لأبي حنيفة بحديث ابن عباس المذكور، وأما قول علاء الدين هذا الحديث لم نجده فإنه كيف يقول ذلك وقد رواه أبو داود في سننه من حديث زرارة بن أوفى عن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أنها سألت عن صلاة رسول الله - عَلَيْهِ السَّلَامُ - في جوف الليل، فقالت «كان يصلي صلاة العشاء في جماعة ثم يرجع إلى أهله فيركع أربع ركعات ثم يأوي إلى فراشه» . الحديث بطوله، وفي آخره «حتى قبض

<<  <  ج: ص:  >  >>