قلت: قوله فعله مرة يرده ما رواه أنس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان إذا توضأ أخذ كفا من ماء فأدخله تحت حنكه فخلل به لحيته وقال:" هكذا أمرني ربي» ورواه أبو داود، وفيه شيئان يدلان على أنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فعله غير مرة: أحدهما: قوله " كان " فيدل على الاستمرار، والثاني: قوله: " هكذا أمرني ربي عز وجل " والذي يأمره ربه فلا يفعله مرة.
فإن قلت: في إسناد الحديث الوليد بن وردان وهو مجهول الحال.
قلت: أبو داود لما رواه سكت عنه فهذا يدل على رضاه به على قاعدته، وله طرق أخرى منها طريق الحاكم في " مستدركه " برواية ثقات، ومنها طريق ابن عدي، ومنها طريق صححه ابن القطان.
ومع هذا روي حديث تخليل اللحية عن سبعة عشر نفرا من الصحابة وهم: عثمان بن عفان، وأنس بن مالك، وعمار بن ياسر، وابن عباس، وأبي أيوب، وابن عمر، وأبي أمامة، وعبد الله بن أبي أوفى، وأبي الدرداء، وكعب بن عمرو، وأبي بكرة، وعائشة، وجابر بن عبد الله، وأم سلمة، وجرير، وعبد الله بن عكبرة، وعلي بن أبي طالب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -.
فحديث عثمان عند الترمذي وابن ماجه من حديث عامر بن شقيق الأسدي عن أبي وائل عن عثمان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يخلل لحيته» وقال الترمذي: إنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - توضأ وخلل لحيته وقال: حديث حسن صحيح، وقال محمد ابن إسماعيل - يعني البخاري -: أصح شيء في هذا الباب حديث عامر بن شقيق عن أبي وائل عن عثمان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.
ورواه ابن حبان في " صحيحه " والحاكم في " مستدركه "، وقال: صحيح الإسناد وقد احتجا - يعني البخاري ومسلم - بجميع رواته [ ... ] غير عمار بن ياسر وأنس وعائشة، ثم أخرج أحاديثهم «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - توضأ وخلل لحيته» وزاد في حديث أنس: وقال: «بهذا أمرني ربي»
فإن قلت: تعقبه الذهبي في " مختصره "، وقال: بن عامر بن شقيق ضعفه ابن معين، وقال الشيخ تقي الدين: أخرج البخاري ومسلم حديث عثمان في الوضوء من عدة طرق، وليس في شيء منها ذكر التخليل.
قلت: قال الترمذي في " العلل الكبير ": قال محمد بن إسماعيل - يعني البخاري -: أصح