فلا تبطل التحريمة، وعند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - ترك القراءة في الأوليين يوجب بطلان التحريمة، وفي إحداهما لا يوجب، لأن كل شفع من التطوع صلاة على حدة، وفسادها بترك القراءة في ركعة واحدة مجتهد فيه فقضينا بالفساد في حق وجوب القضاء، وحكمنا ببقاء التحريمة في حق لزوم الشفع الثاني احتياطا.
ــ
[البناية]
قلت: هما من محظورات التحريمة، وارتكاب المحظور يقطع التحريمة، لأنه يمنع انعقادها في الابتداء فيجوز أن يقطعها بعد الصحة، والفقه فيه أن التحريمة شرط الأداء، وبفساد الأداء لا يفسد الشرط كالوصف لا يفسد بفساد الصلاة.
م:(فلا تبطل التحريمة) ش: نتيجة ما قيل، وقد قررنا عدم بطلانها الآن: م (وعند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - ترك القراءة في الأوليين يوجب بطلان التحريمة وفي إحداهما لا يوجب) ش: أي ترك القراءة في إحدى الأوليين لا يوجب بطلان التحريمة وهاهنا أمران، أحدهما ترك القراءة في الأوليين، والآخر تركها في إحداهما، وعلل الأول بقوله م:(لأن كل شفع من التطوع صلاة على حدة) ش: فكان ترك القراءة فيه إخلاء للصلاة عن القراءة، فتكون فاسدة يجب قضاؤها وبطل تحريمها. وعلل الثاني بقوله م:(وفسادها) ش: أي فساد الصلاة م: (بترك القراءة في ركعة واحدة مجتهد فيه) ش: فإن عند الحسن البصري لا تجب القراءة إلا في الركعة الأولى كما ذكرناه م: (فقضينا بالفساد في حق وجوب القضاء) ش: أي قضاء الشفع الأول كما في الفجر، م:(وحكمنا ببقاء التحريمة في حق لزوم الشفع الثاني احتياطا) ش: في كل واحد من الحكمين.
فالحاصل أن الأداء يفسد بالنظر إلى دليلنا، ويصح بالنظر إلى ما تمسك به الحسن فيعمل بهما فقلنا ببقاء التحريمة حتى يصح شروعه في الشفع الثاني، وبفساد الشفع الأول حتى يجب القضاء ليكون العمل على الوثيقة في باب العبادة.
وفي " مبسوط " شيخ الإسلام ما قال أبو حنيفة هذا حيث أوجب الفساد بفساد الأداء ولم يرفع التحريمة لأنه لم يوجد ما يقطع فعليه قضاء الأخريين بالإجماع لبقاء التحريمة وصحة الشروع في الشفع الثاني، وهذا إذا قعد بينهما، فإن لم يقعد قضى أربعا، لأن عندهما لم يصح الشروع في الثاني والأخريان لا يكونان قضاء عن الأوليين لأنه بناهما على تلك التحريمة والتحريمة الواحدة لا يتسع فيها الأداء والقضاء.
فإن قلت: فساد الصلاة بترك القراءة في الركعتين أيضا مجتهد فيه، لأن أبا بكر الأصم وابن علية وابن عيينة لا يقولون بفسادها.
قلت: ذلك خلاف لا اختلاف، لكونه مخالفا للدليل القاطع وهو قَوْله تَعَالَى {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ}[المزمل: ٢٠](المزمل: الآية ٢٠) .