للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأن الصلاة خير موضوع وربما يشق عليه القيام فيجوز له تركه كيلا ينقطع عنه،

واختلفوا في كيفية القعود، والمختار أن يقعد في حالة التشهد؛

ــ

[البناية]

السلام: «صلاة الرجل قاعدا نصف الصلاة» أي في حق الأجر. فإن قلت: هذا الحديث لم يتعرض للنفل ولا للفرض ولا لحالة العذر وغيرها فكيف وجه التمسك به قلت قال الشراح هنا ما حاصله إن الإجماع منعقد على أن صلاة القاعد بعذر مساوية لصلاة القائم في حق الأجر فلم يبق حينئذ إلا صلاة النفل قاعدا بدون العذر، لأن الفرض لم يجز قاعدا بلا عذر.

قلت: هذا غير مخلص على ما لا يخفى، لأنهم ما ذكروا شيئا يدل على ما قالوا، فأقول وبالله التوفيق: إن أبا بكر بن أبي شيبة روى في " سننه " عن المسيب بن رافع الكاهلي قال: صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم إلا من عذر، وروى أيضا عن «عبد الله بن شقيق قال سألت عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لكان رسول الله - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يصلي قاعدا قالت بعدما حطته السن» هذا دليل على أن المراد من قوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم» غير حال العذر. وقال الترمذي وقال سفيان الثوري هذا الحديث «من صلى جالسا فله نصف أجر القائم» قال: هذا للصحيح ومن ليس له عذر، وأما من كان له عذر من مرض أو غيره فصلى جالسا فله مثل أجر القائم، وقد روي في بعض الحديث مثل قول سفيان الثوري. فإن قلت: هذا الذي ذكرته [منها] لا يدل على المدعى.

قلت: روي أنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «كان يصلي بعد الوتر قاعدا» . وعن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «كان يصلي ليلا طويلا قائما، وليلا طويلا قاعدا» ، الحديث رواه الجماعة إلا البخاري، فهذا يدل على أن النفل قاعدا من غير عذر يجوز، وأما الأحاديث المذكورة فتدل على أن الصلاة قاعدا في الفرض لا تجوز إلا عن عذر.

م: (ولأن الصلاة خير موضوع) ش: أي مشروع لك مرفوع عنك لكونها غير واجبة، وروى أحمد في " مسنده " والبزار في " سننه " من حديث عبيد بن الخشخاش عن أبي ذر عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «الصلاة خير موضوع، فمن شاء أكثر، ومن شاء أقل» . ورواه ابن حبان في " صحيحه " والطبراني في " الأوسط " م: (وربما يشق عليه) ش: أي على المصلي م: (القيام فيجوز له تركه) ش: أي ترك القيام م: (كيلا ينقطع عنه) ش: أي عن فعل النافلة، وفي بعض النسخ كيلا ينقطع به أي بسبب القيام عن الخبر، لأن القيام ربما يفضي إلى ذلك.

م: (واختلفوا في كيفية القعود) ش: أي اختلف العلماء في كيفية القعود وحالة القراءة، قال المصنف م: (والمختار أن يقعد كما يقعد في حالة التشهد) ش: وهو الذي اختاره الفقيه أبو الليث السمرقندي وشمس الأئمة السرخسي وهو قول زفر - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وفي " الخلاصة ": عن أبي حنيفة ثلاث روايات: في رواية يجلس كما يجلس في التشهد، وفي رواية: يتربع، وفي رواية:

<<  <  ج: ص:  >  >>