ثم الفرق بين الرسول والنبي: أن الرسول: من بعث لتبليغ الوحي ومعه كتاب، والنبي: من بعث لتبليغ الوحي مطلقا، سواء كان بكتاب أو بلا كتاب، كيوشع - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، فكان النبي أعم من الرسول: كذا قال الشيخ قوام الدين الأترازي في " شرحه "، وهو قد تبع في ذلك صاحب " النهاية " حيث قال: الرسول: هو النبي الذي معه كتاب، كموسى - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، والنبي: هو الذي ينبئ عن الله وإن لم يكن معه كتاب كيوشع - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، ومن هنا قال النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل» ، ولم يقل:" كرسل بني إسرائيل "، وتعبهما الشيخ أكمل الدين - رَحِمَهُ اللَّهُ - وفرق بينهما هكذا.
ثم قال: وهو الظاهر. كل هذا لا يخلو عن مناقشة، وذلك لأنه يلزم على تفسيرهم أن يخرج جماعة من الرسل عن كونهم رسلا، كآدم ونوح وسليمان، ونحوهم - صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ -، فإنهم رسل بلا خلاف، ولم ينزل عليهم كتاب كما نزل على موسى.
والصحيح هنا أن الرسول من نزل عليه الكتاب، أو أتى إليه ملك، والنبي من يوقفه الله تعالى على الأحكام، أو تبع رسولا آخر، ولهذا قال - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل» ، والعجب من الشيخ أكمل الدين مع ادعائه التحقيق في مصنفاته كيف رضي بالتفسير المذكور، ثم قال: وهو الظاهر؟! ومع هذا فهو ليس بظاهر على ما لا يخفى.
م:(- صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ -) ش: هذه الجملة إخبار في الصورة، ولكنها إنشائية في المعنى؛ لأن المعنى: الله صل عليهم صلواتك. وهو جمع صلاة، وهي في اللغة: الدعاء.
قال الأعشى:
تغايلها الرياح في دنها ... وصل على دنها وارسم
وهو اسم وضع موضع المصدر، يقال: صليت صلاة، ولا يقال: تصلية. ومعناها من الله: الرحمة، ومن الملائكة: الاستغفار، ومن المؤمنين: الدعاء. ومعناها الشرعي في حق النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اللهم عظمه في الدنيا بإعلاء كلمته، وإحياء شريعته، وفي الآخرة برفع درجته، وتشفيعه في أمته، هكذا سمعت من الأساتذة الكبار. وأما في حق غيره من الأنبياء فمعناها ما ذكرنا، من الله: الرحمة، إلى آخره.
قوله:" أجمعين ": جمع " أجمع "، وهو من ألفاظ التوكيد المعنوي وهي: النفس، والعين،