كذا روى الحسن عن أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - لأنه واظب عليها الخلفاء الراشدون - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -
ــ
[البناية]
التراويح سنة، وقد سقنا الكلام فيه عن قريب. قال الأكمل والأصح أنها سنة يعني في حق الرجال والنساء، وفيه نظر لأنه قال يستحب أن يجتمع الناس وهذا يدل على أن اجتماع الناس مستحب، وليس فيه دلالة على أن التراويح مستحبة وإلى هذا ذهب بعضهم، وقال التراويح سنة والاجتماع مستحب. قلت: القدوري لم يتعرض إلا إلى كون اجتماع الناس في شهر رمضان يستحب وسكت عن نفس كون التراويح مستحبة أو سنة، والمصنف لم يرد على القدوري فيما قال، وإنما قال والأصح أن التراويح في نفس الأمر سنة، ولا يلزم من كونها سنة كون الجماعة فيه سنة.
م:(كذا روى الحسن عن أبي حنيفة) ش: أي كما قلنا الأصح أن التراويح سنة روى الحسن عن أبي حنيفة كذا نصا وقد ذكرناه م: (لأنه) ش: أي لأن الشان م: (واظب عليها) ش: أي على التراويح م: (الخلفاء الراشدون - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -) ش: الخلفاء الراشدون الذين أطلق النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عليهم باسم الخلافة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، روي عن سفينة مولى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن رسول الله قال:«الخلافة بعدي ثلاثون سنة، ثم يكون ملكا» ، وفي رواية:«ثم يؤتي الله ملكه من يشاء» . رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي.
ولا شك أن الذين ولوا الخلافة بعده - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هؤلاء الأربعة ومدتهم ثلاثون سنة مثلها أخبر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولي هاهنا بحث وهو أن المصنف قال: إنه واظب عليها الخلفاء الراشدون. وقال الأكمل إنما يدل على سنتها قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي» .
قلت: أخذ هذا عن السغناقي فإنه قال هكذا، وكذا قال صاحب " الدراية " ولم يتيقن أحد منهم كلامه فيه حيث لم ينبئوا كما ينبغي، وهذا الحديث أعني قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «عليكم بسنتي» . إلخ لا يدل على مواظبة الخلفاء الراشدين على التراويح.
فإن قلت حديث السائب بن يزيد المذكور عن قريب يدل على ذلك قلت: لا نسلم فإنه لا يدل على أنهم كانوا يصلون عشرين ركعة في عهد الخلفاء الثلاثة أعني عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وما يدل على مواظبتهم عليها.
غاية ما في الباب يدل على العدد، ولو احتج المصنف - رَحِمَهُ اللَّهُ - على سنية التراويح لما روي عن عبد الرحمن بن عوف - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قال:«إن الله عز وجل فرض صيام رمضان وسننت قيامه فمن صامه وقامه احتسابا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه» ، رواه أحمد والنسائي وابن ماجه لكان أوجه وأقوى.