لكن على وجه الكفاية، حتى لو امتنع أهل المسجد عن إقامتها كانوا مسيئين، ولو أقامها البعض فالمتخلف عن الجماعة تارك للفضيلة؛ لأن أفراد الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - يروى عنهم التخلف. والمستحب في الجلوس بين الترويحتين مقدار الترويحة.
ــ
[البناية]
- رَحِمَهُ اللَّهُ -.
م:(لكن على وجه الكفاية) ش: يعني إذا قام بها البعض بالجماعة سقطت عن الباقين حضور الجماعة، لأن الجماعة فيها سنة على الكفاية م:(حتى لو امتنع أهل المسجد عن إقامتها كانوا مسيئين) ش: هذه نتيجة كون الجماعة في التراويح سنة، على الكفاية م:(ولو أقامها البعض فالمتخلف عن الجماعة تارك للفضيلة) ش: يعني لو أقام بعض أهل المسجد التراويح فالذي يتخلف عنهم لا يكون مسيئا بل يكون تاركا للفضيلة، لأن سنتها بالجماعة على الكفاية والفرض على الكفاية إذا قام به بعض سقط عن الباقي، ففي السنة على الكفاية بالطريق الأولى.
وعلل المصنف ذلك بقوله م:(لأن أفراد الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - يروى عنهم التخلف) ش: أي عن الجماعة في صلاة التراويح، منهم عبد الله بن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - رواه الطحاوي عن نافع عن ابن عمر أنه كان لا يصلي خلف الإمام في شهر رمضان، وروي أيضا عن مجاهد قال: قال رجل لابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: أصلي خلف الإمام في رمضان؟ قال أتقرأ القرآن؟
قال: نعم قال: صل في بيتك.
وأخرج ابن أبي شيبة أيضا في " مصنفه " عن ابن عمر أنه كان لا يقوم مع الناس في شهر رمضان قال وكان القاسم وسالم لا يقومان مع الناس. وروى البيهقي في " سننه " عن ابن عمر أنه قال له رجل أصلي خلف الإمام في رمضان؟ قال ابن عمر أليس تقرأ القرآن؟ قال: نعم، قال انتصب كأنك حمار، صل في بيتك. وروى الطحاوي عن الأشعث بن سليم قال: أتيت مكة وذاك في رمضان في زمان ابن الزبير - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فكان الإمام يصلي بالناس في المسجد وقوم يصلون على حدة المسجد. وروي أيضا عن إبراهيم قال: لو لم يكن معي إلا سورة واحدة لكنت أرددها أحب إلي من أن أقوم خلف الإمام في رمضان، وروي أيضا عن عروة وسعيد بن جبير ونافع أنهم كانوا ينصرفون من العشاء في رمضان ولا يقومون مع الناس.
م:(والمستحب في الجلوس بين الترويحتين مقدار الترويحة) ش: إنما قال هذا مع قوله فيما مضى عن قريب، ويجلس بين كل ترويحتين مقدار ترويحة لبيان أن هذا الجلوس مستحب لأنه شرح كلام القدوري وقال الأكمل: كان من حقه أن يقول والمستحب في الانتظار بين الترويحتين؛ لأنه استدل بعادة أهل الحرمين على ذلك، وأهل الحرمين لا يلتزمون بذلك، فإن أهل مكة يطوفون بين كل ترويحتين أسبوعا وأهل المدينة يصلون بدل ذلك أربع ركعات. قلت: هذا بقية كلام السغناقي وليس مراد المصنف حقيقة الجلوس، وإنما المراد التخيير بين السكوت