وقال في الأخرى:«من ترك الأربع قبل الظهر لم تنله شفاعتي» . وقيل: هذا في الجميع؛ لأنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - واظب عليها عند أداء المكتوبات بالجماعة، ولا سنة دون المواظبة،
ــ
[البناية]
م:(وقال في الأخرى) ش: أي قال النبي في سنة الظهر م «من ترك الأربع قبل الظهر لم تنله شفاعتي» ش: هذا ليس له أصل، والعجب من الشراح ذكروا هذا ولم يتعرضوا إلى بيان حاله وسكتوا عنه. وقال الأكمل: وهذا وعيد عظيم، ودلالته على وكادة الأربع أقوى من الأول قلت: نعم يكون أقوى من الأول، إذا صح عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، والذي لم يثبت كيف يكون أقوى من الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما، وروى أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن أم حبيبة زوجة النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من حافظ على أربع ركعات قبل الظهر وأربع بعدها حرم على النار» ، وروى أبو داود أيضا عن أبي أيوب عن النبي عيه السلام قالِ:«أربع قبل الظهر ليس فيهن تسليم تفتح لهن أبواب السماء» .
م:(وقيل هذا) ش: أي قول محمد لا بأس بأن يتطوع وهذا القول اختيار أبي الليث في " جامعه " م: (في الجميع) ش: أي عام في جميع السنن، وللمصلي الخيار بين أن يتطوع وبين أن لا يتطوع لأن السنة لا تثبت إلا بمواظبة النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - على السنن قبل المكتوبة عند أداء المكتوبات بالجماعة، وأشار إلى هذا بقوله: م: (لأنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - واظب عليها) ش: أي على السنن م: (عند أداء المكتوبات بالجماعة) ش: وهاهنا في مسألتنا الجماعة متبقية لأن التقدير فيمن أتى مسجدا قد صلي فيه فلا يكون في حقه إتيان السنة سنة، فبقي نفلا مطلقا فيكون في خيرة من إتيانه وتركه، وأشار إلى هذا بقوله م:(لأنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - واظب عليها) ش: أي على السنن م: (لا سنة دون المواظبة) ش: هذا معروف من الأحاديث، ولم يرو أنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ترك شيئا من الرواية المذكورة في النوافل إلا الركعتين بعد الظهر وقضاهما بعد العصر وركعتي الفجر وقضاهما مع الفرض بعد طلوع الشمس.
وقال قاضي خان: إن محمدا لم يذكر السنن في الكتاب، وإنما ذكر التطوع والإنسان إذا صلى وحده إن شاء أتى بالسنن وإن شاء تكرها، وهو قول أبي الحسن الكرخي، والأول أصح، والأخذ به أحوط فلا يتركها في الأحوال كلها إذ السنة بعد المكتوبة شرعت لجبر نقصان يمكن في الفرض وقبلها يقطع طمع الشيطان عن المصلي لأنه يقول: إذا لم يطعني في ترك ما لم يكتب عليه فكيف يطيعني في ترك ما كتب عليه والمنفرد إلى ذلك أحوج، إلا إذا خاف فوت الوقت، لأن أداء الفرض في وقته واجب. وفي " الحواشي " لو لم يرد جواز ترك الجميع لا يتبقى لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلى فيه فائدة، لأن الاختيار بين الترك والإثبات كسنة العصر والعشاء ثابت سواء صلى