للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

التسعة لا يفوت بالموجب الأصلي ولكن يفوت الجواز الذي يباح بالترك، ومثل هذا التفويت لا يمنع العمل بخبر الواحد لأن تفويته لما جاز، فالاستقبال بالعمل بخبر الواحد جاز بالطريق الأولى بخلاف العمل بخبر الواحد في الطواف والتعديل والقراءة ونحوها لأنه يفوت العمل بموجب الدليل القطعي الذي هو الإطلاق وهو الموجب الأصلي فيها فلا يجوز تركه.

الوجه الثالث: إنكم عملتم بهذا الحديث ولم تعملوا بخبر الواحد وهما خبر واحد فكان تناقضا، وقال الأكمل في جوابه: إن العمل بخبر الفاتحة على وجه يلزم فساد الصلاة بتركها موجب النسخ قَوْله تَعَالَى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل: ٢٠] (المزمل: الآية ٢٠) وذلك لا يجوز بخلاف صورة النزاع فإن فيها العمل بالكتاب والخبر جميعا وذلك لأن قَوْله تَعَالَى {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: ٧٨] (الإسراء: الآية ٧٨) يدل على أن هذا الوقت وقت الظهر، ولا يتعرض بتقديم الفائتة عليه لا بنفي ولا إثبات، وخبر الترتيب يدل على التقديم فعملنا بهما انتهى قلت: توضيح هذا الوجه الذي ذكره هو أن الحال ما علمتم بخبر الفاتحة مثلما علمتم بخبر وجوب الترتيب حيث قلتم بفساد الصلاة عند ترك الترتيب، وما قلتم بفساد الصلاة عند ترك الفاتحة مع أن كلا منهما ثبت بخبر الواحد، وتوضيح الجواب أن القراءة ركن في الصلاة ولا يجوز إثبات الركن بمثل هذا الخبر، والترتيب شرط فجاز إثبات الشرط به، وجوب آخر أن صيغة قوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لا صلاة، يستعمل استعمالا ظاهرا لنفي الكمال، كما في قوله لا فتى إلا علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، فيمكن أن يحمل على نفي الكمال، وحديث الترتيب ورد في وجوبه، ففيه بيان النهاية ولا يحتمل غيره.

الوجه الرابع: أن الترتيب يسقط بالنسيان وضيق الوقت وكثرة الفوائت وشرط الصلاة لا يسقط بشيء من ذلك كالطهارة واستقبال القبلةِ. قلت: هذا الوجه ذكره صاحب " المحيط " من جهة الشافعي توضيحه أن كل واحد من الفرضين ليس بشرط للآخر في حق الجواز، ولهذا يسقط الترتيب عند النسيان وضيق الوقت وكثرة الفوائت، وشرائط الصلاة لا تسقط بعذر النسيان وضيق الوقت كالطهارة واستقبال القبلة ولا يلزمني وجوب الترتيب بين الصلوات حالة الأداء لأنه في هذه الصورة في أوقاتها وذلك لا يوجد في الفوائت لأنها صارت مرسلة عن الوقت ثابتة في الذمة، وأجاب عنه السغناقي بما ذكره صاحب " المبسوط " و " المحيط " بأن حالة النسيان ليست بوقت للفائتة، لأن وقت الفائتة وقت التذكر وهو ناس فلا يكون وقتا لها فكان وقت الفرائض الوقت، وأما حال ضيق الوقت لأنه ثبت بخبر الواحد وهو لا يعارض الكتاب والمتواتر وكثرة الفوائت بمعنى ضيق الوقت وأما قوله لأنها صارت مرسلة عن الوقت فغير مسلم بهذا الحديث، وذكر شمس الأئمة السرخسي في " الجامع الصغير " في تعليل وجوب الترتيب مراعاة

<<  <  ج: ص:  >  >>