حتى لو صلى ست صلوات، ولم يعد الظهر انقلب الكل جائزة، وهذا عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - وعندهما يفسد فسادا باتا لا جواز لها بحال، وقد عرف ذلك في موضعه،
ــ
[البناية]
(حتى لو صلى ست صلوات ولم يعد الظهر) ش: أي الظهر التي كان تركها وصلى العصر ذاكرا لها م: (انقلب الكل) ش: أي الصلوات م: (جائزا) ش: ولو أعاد الظهر لانقلب جائزا م: (وهذا عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -) ش: وهو استحسان، وفي " المبسوط " تفسيره لو صلى المتروكة قبل السادسة فيه الخمس عنده.
قال شمس الأئمة - رَحِمَهُ اللَّهُ -: هذه هي التي يقال لها واحدة تفسد خمسا وواحدة تصحح خمسا، فالواحدة المصححة الخمس في السادسة قبل قضاء المتروكة، والواحدة المفسدة للخمس هي المتروكة يقضي قبل السادسة، وجه الاستحسان أن الكثرة صفة لهذه الجملة من الصلوات، فإذا ثبتت صفة استندت إلى أولها بحكمها وهو سقوط الترتيب، فسقط الترتيب في آحادها كما سقط في أغيارها، وهذا كمرض الموت لما ثبت له هذا الوصف بإيصاله بالموت أسند إلى أوله بحكمه م:(وعندهما يفسد) ش: أي العصر م: (فسادا باتا) ش: بتشديد المثناة من فوق أي قطعا، وفسره بقوله (لا جواز له بحال) ش: من الأحوال وهذا هو القياس، ووجهه أن سقوط الترتيب حكم الكثرة وكل ما هو حكم العلة يتأخر عن علة سقوط الترتيب إنما يكون مما يقع من الصلوات بعد الكثرة لا فيما قبلها.
فإذا ما قلت: وجه الاستحسان حصل لك الجواب عن وجه القياس على أن وجه قول أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - أن وجه نص التنزيل يقتضي جواز الوقتية في الوقت، والحديث يمنع الجواز ليتوقف الجواز على زوال المانع، ووقف الجواز على سنن أمر في الموقف غير متكفر في الشرع، كما قلنا في مغرب صلاها بعرفات يتوقف حكمها إن أفاض إلى المزدلفة في وقت العشاء انقلبت نفلا ولزمته إعادتها مع العشاء في المزدلفة، وإن لم يأت وأتى مكة من طريق آخر وأتى المزدلفة بعد الإصباح يقع المغرب فرضا وكذا ظهر من صلاها يوم الجمعة في منزله، وكذلك صاحبة العادة إذا انقطعت عادتها فما دون عادتها وصلت صلوات ثم عاودها الدم تبين أن الصلوات لم تكن صحيحة وإن لم يعاودها كانت صحيحة، وكذلك إذا زاد على أيام عادتها، فإذا انقطع لتمام العشرة وطهرت بعد ذلك خمسة عشر يوما تبين أن الكل حيض وليس عليها قضاء الصلوات، وإن جاوز كان عليها قضاء الصلوات، فعلم أن توقف الصلوات على أمر في المستقبل مشروع يستعمل فيما بحرفه.
م:(وقد عرف ذلك في موضعه) ش: أي في كتاب الصلوات في " المبسوط "، صورته ترك صلاة ثم صلى بعدها واحدة وثانية وثالثة ورابعة وخامسة فسدت الخمس كلها عندهما، وعند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - هي موقوفة قد ذكرناها عن قريب.