وقوله:" فمن زاد على هذا " إلى آخره، حديث آخر ركبه المصنف مع الأول، وأخرجه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده «أن رجلا أتى النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فقال يا رسول الله كيف الطهر الحديث وفي آخره هكذا الوضوء فمن زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم أو ظلم وأساء وفي لفظ لابن ماجه تعدى وظلم وللنسائي فقد أساء» ، وقال تقي الدين في " الإمام ": الحديث صحيح عند من يصحح حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده بصحة الإسناد إلى عمرو، قال أبو بكر بن العربي: عمرو بن شعيب ضعيف.
وثبت في " الصحيحين " أنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قال:«إن أمتي يأتون غرا محجلين يوم القيامة من آثار الوضوء» ، وقال أبو محمد الأصيلي: هذا الثابت يدل على أن هذه الأمة مخصوصة بالوضوء من بين سائر الأمم، فلا يثبت ما روي «أنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - توضأ ثلاثا ثلاثا، فقال: " هذا وضوئي ووضوء الأنبياء قبلي» وهو حديث لا يصح.
قلت: ما لعمرو بن شعيب، وقد روى عنه أيوب السختياني، وثابت البناني، والأوزاعي، وابن جريج، وعطاء بن أبي رباح، وهو أكبر منه، وقتادة بن دعامة، ومحمد بن إسحاق، و [ ... ] ومكحول الشامي، والإمام أبو حنيفة، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وآخرون. وقال البخاري: رأيت أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، وإسحاق بن راهويه، وأبا عبيدة، وعامة أصحابنا يحتجون بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، ما تركه أحد من المسلمين. قال البخاري: بمن الناس بعدهم؟
وقول الأصيلي هذا الحديث الثابت إلى آخره غير مسلم؛ لأنه لا يلزم من كون الغرة والتحجيل لهذه الأمة أن لا يكون الوضوء موجودا في غيرهم، ولكن تكون الغرة والتحجيل لهذه الأمة خاصة بشرفهم، وفضلهم على غيرهم، ولا يحسن أن نقول إن الأمم السابقة المسلمين كانوا يصلون بلا وضوء.
وقوله:«فقد تعدى وظلم» له تأويلات سبعة:
الأول: تعدي وأساء في الأدب بترك السنة، والتأدب بآداب الشرع، وظلم نفسه بما نقصها من الثواب بترداد المرات في الوضوء.