الخامس: لو كانت واجبة بطلت الصلاة بتركها كالصلاتية.
الجواب: عن حديث زيد بن ثابت قد مر فيما مضى، وعن حديث الأعرابي أنه في الفرائض ونحن ندعي أن سجدة التلاوة فرض.
وعن حديث عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أنه موقوف وهو ليس بحجة عندهم، وقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وفعله أولى. وعن حديث سلمان كذلك.
والجواب: عن دليلهم العقلي:
أما عن الأول: فإن أداءها في ضمن شيء لا يتأتى وجوبها في نفسها كالسعي إلى الجمعة يتأتى بالسعي إلى التجارة.
وعن الثاني: إنما جاز التداخل لأن المقصود منها إظهار الخضوع والخشوع، وذلك يحصل بمرة واحدة.
وعن الثالث: لأنه أداها كما وجبت، فإن تلاوتها على الدابة مشروعة، فكان كالشروع على الدابة في التطوع.
وعن الرابع: لأن تلاوتها على الراحلة مشروعة، فلا ينافي الوجوب.
وعن الخامس: أن القياس على الصلاتية فاسدة لأنها جزء الصلاة، والسجدة ليست بجزء الصلاة.
وأما دليلنا على الوجوب فقوله تعالى:{فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ}[الانشقاق: ٢٠]{وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ}[الانشقاق: ٢١](الانشقاق: الآية ٢١) ، فذمهم على ترك السجود، وإنما يستحق الذم بترك الواجب وقوله تعالى في سورة النجم:{فَاسْجُدُوا}[النجم: ٦٢] وقوله تعالى في سورة اقرأ: {وَاسْجُدْ}[العلق: ١٩] ومطلق الأمر للوجوب، ولأن في بعض آي السجدة ذكر طاعة الأنبياء عليهم السلام والأولياء وفي بعضها ذكر استنكاف الكفار وموافقة الأنبياء والأولياء واجبة؛ لقوله تعالى:{فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ}[الأنعام: ٩٠](الأنعام: الآية ٩٠) ، وكذا مخالفة الأعداء، ولأنها لو لم تكن واجبة لما جاز أداؤها في الصلاة لأن أداء زيادة سجدة وهي تطوع توجب الفساد، وعند الخصم إذا كان عمدًا، وعندنا يكره، ولأنه ركن مفرد عن أركان الصلاة الأصلية شرعت قربة خارج الصلاة، فوجب أن تكون واجبة قياسًا على القيام في صلاة الجنازة.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه «قال: "إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي ويقول يا ويله» وروي: «يا ويلتي أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة وأمرت