كتب عليكم الجمعة في يومي هذا في مقامي هذا في شهري هذا، فريضة واجبة إلى يوم القيامة، فمن تركها جحودا لها واستخفافا بحقها في حياتي أو بعد موتي وله إمام عادل أو جائر، فلا جمع الله شمله ولا أتم له أمره، ألا لا صلاة له، ألا لا زكاة له، ألا لا صوم له، إلا أن يتوب، ومن تاب تاب الله عليه» .
قلت: لم يبين ما حال هذا الحديث، ومن رواه عن جابر، وذكر في " شرح الأقطع " عن سعيد بن المسيب عن جابر، ورواه ابن ماجه في "سننه"، وقال: حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير، ثنا الوليد بن بكير، حدثني عبد الله بن محمد العدوي عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب «عن جابر بن عبد الله، قال: خطبنا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال:"يا أيها الناس توبوا إلى الله قبل أن تموتوا وبادروا بالأعمال الصالحة قبل أن تشغلوا وصلوا الذي بينكم وبين ربكم بكثرة ذكركم له وكثرة الصدقة في السر والعلانية ترزقوا وتنصروا وتجبروا، واعلموا أن الله قد افترض عليكم الجمعة في مقامي هذا، في يومي هذا، في شهري هذا، في عامي هذا إلى يوم القيامة، فمن تركها في حياتي أو بعدي، وله إمام عادل أو جائر استخفافا بها أو جحودا لها فلا جمع الله شمله ولا بارك له في أمره، ألا ولا صلاة له ولا زكاة له ولا حج له ولا صوم له ولا بر له حتى يتوب. فمن تاب تاب الله عليه، ألا لا تؤم امرأة رجلا، ولا يؤم أعرابي مهاجرا، ألا ولا يؤم فاجر مؤمنا إلا أن يقهره السلطان يخاف سيفه وسوطه» .
وأخرجه البزار من وجه آخر، وروى الطبراني في " الأوسط " من حديث ابن عمر نحوه.
فإن قلت: في سند ابن ماجه عن عبد الله بن محمد قالوا: إنه واهي الحديث، و [في] سند البزار علي بن زيد بن جدعان، قال الدارقطني: كلاهما غير ثابت، وقال ابن عبد البر: هذا الحديث واهي الإسناد.
قلت: هذا الحديث روي من طرق ووجوه مختلفة، فحصل له بذلك قوة فلا تمنع من الاحتجاج به، واحتجاجهم بما روي عن عثمان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ساقط، لأنه يحتمل أن عليا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فعل ذلك بأمره أو لم يتوصل إلى عثمان، وعندنا إذا لم يتوصل إلى إذن الإمام، فللناس أن يجتمعوا ويقدموا من يصلي بهم، كذا ذكره الشيخ أبو نصر البغدادي - رَحِمَهُ اللَّهُ - فمن أين يعلم أن عليا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فعل ذلك بلا إذن عثمان وهو حيث يتوصل إلى إذنه؟ وفي " الأجناس " عن " نوادر ابن سماعة " عن محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - لو غلب على مصر متغلب فصلى بهم الجمعة جاز، فكذلك إذا أجمع جميع الناس على رجل يصلي بهم الجمعة جازت.