لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذا مالت الشمس فصل بالناس الجمعة»
ــ
[البناية]
مسلم. قال البيهقي: يعني النواضح.
«وعن سلمة بن الأكوع قال: كنا نصلي مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الجمعة ثم ننصرف وليس للحيطان ظل نستظل به» رواه البخاري ومسلم. «وعن سهل بن سعد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: ما كنا نقيل ولا نتغدى إلا بعد الجمعة على عهده - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.»
وقال أبو سهل: إنا كنا نرجع فنقيل قائلة الضحى، ولأنها عيد لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «قد اجتمع في يومكم هذا عيدان» ولقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إن هذا يوم جعله الله عيدا للمسلمين» فصار كالفطر والأضحى. واتفق أصحابنا أن وقتها وقت الظهر، وهو قول جمهور الصحابة والتابعين، وبه قال الشافعي.
م: (لقوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «إذا مالت الشمس فصل بالناس الجمعة» ش: واحتجوا في ذلك بحديث أنس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كان يصلي الجمعة حين تميل الشمس» رواه البخاري، «وعن سلمة بن الأكوع قال: كنا نجمع مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا زالت الشمس ثم نرجع نتتبع الفيء» متفق عليه.
فإن قلت: روي عن عبد الله بن سيدان أنه قال: شهدت الخطبة مع أبي بكر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فكانت خطبته وصلاته قبل نصف النهار، وشهدتها مع عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فكانت خطبته وصلاته إلى أن أقول قد انتصف النهار، ومثله عن عثمان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فما رأيت أحدا عاب ذلك.
قلت: قال ابن بطال: لا يثبت هذا، وعبد الله بن سيدان لا يعرف.
قلت: روى هذا الحديث الدارقطني وغيره وهو حديث ضعيف. وقال النووي في " الخلاصة ": اتفقوا على ضعف ابن سيدان، وقد قال الشافعي: وقد صلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأبو بكر وعثمان والأئمة بعدهم كل جمعة بعد الزوال، فدل على أنه لا اعتبار بهذا. قلت: والجواب عن حديث جابر: أنه إخبار عن أن الصلاة والرواح إلى جمالهم كانا حين الزوال وبدايته، وحديث سلمة حجة عليهم، لأن معناه ليس للحيطان فيء كثير بحيث يستظل به المار، وأصح منه الرواية الأخرى نتتبع الفيء، وهو تصريح بوجوده، لكنه قليل، ومعلوم أن حيطان المدينة كانت قصيرة والشمس فوقها فلا يظهر الفيء الذي يستظل به هنالك عند الزوال إلا بعد زمان طويل.
ومعنى حديث سهل: أنهم كانوا يؤخرون القيلولة والغداء في هذا اليوم إلى ما بعد صلاة الجمعة، لأنهم ندبوا في هذا اليوم إلى التبكير إليها، والاشتغال بغيره كان يفوته، لقوله -عليه